
-
ماجد بدر أبوعظمة الساعدي
-
خبر
-
السعودية
-
مكة المكرمة
وسط زحام الحرم المكي الشريف في شهر رمضان المبارك، حيث الأجواء الإيمانية تملأ الأرجاء، تظهر صورة إنسانية رائعة يقدمها الكشافة من منسوبي معسكر الخدمة العامة الذي تُقيمه جمعية الكشافة العربية السعودية بالتعاون مع عددٍ من قطاعاتها، حيث لا يقتصر دور الفتية والشباب المتطوعون على إرشاد المعتمرين والمصلين، بل يمتد ليشمل احتضان الأطفال التائهين ورعايتهم بحنان ومسؤولية حتى يعودوا إلى ذويهم سالمين.
ففي إحدى الليالي الرمضانية، وبينما كان المعتمرون مشغولين بأداء نسكهم، لاحظ أحد أفراد الكشافة طفلًا صغيرًا، لا يتجاوز عمره خمسة أعوام، يقف في أحد أروقة الحرم وقد بدت عليه علامات الخوف والارتباك، وبلمحة إنسانية سريعة، اقترب الكشاف منه بلطف، حيث جثا على ركبتيه ليكون في مستوى الطفل، وابتسم قائلًا: "لا تقلق، نحن هنا لمساعدتك، هل تذكر اسم والدك؟"
لحظتها أمسك الطفل بيد الكشاف، وكأنما وجد ملاذًا آمنًا وسط الزحام، وبدأ يصف ملامح والده بصوته الصغير المرتجف، وعلى الفور، تم إبلاغ الفريق المختص، ونُقل الطفل إلى مركز استقبال الأطفال التائهين، حيث قُدم له الماء والعصائر وبعض الحلوى ليهدأ، بينما عمل الكشافة على البحث عن ذويه عبر الأجهزة اللاسلكية والنداءات الداخلية.
لم تمر سوى دقائق حتى وصل والد الطفل، وعيناه مليئتان بالدموع امتنانًا لهؤلاء الفتية والشباب الذين لم يكتفوا بحفظ النظام بل تحولوا إلى أيدٍ أمينة تحمي فلذات الأكباد، وحينها عانق الأب ابنه، وشكر الكشافين قائلًا: "أنتم نعمة من الله، لو تعلمون كم كان قلبي يرتجف خوفًا عليه!".
ليست هذه الحالة الوحيدة، فكثير من الأسر أصبحت تعتمد على الكشافة لمساعدتهم في العناية بأطفالهم خلال أداء عباداتهم، وهم مطمئنون أن هؤلاء الشباب يتحلون بروح المسؤولية والرحمة، مجسدين أسمى معاني التطوع وخدمة ضيوف الرحمن، فالكشاف في الحرم المكي أكثر من مجرد متطوع، بل هو عين ساهرة، ويد حانية، وقلب نابض بالخير، يعكس جوهر العمل الكشفي في أقدس بقاع الأرض.
أضف تعليقك...