السبت 2024-12-28
الآيات (86 – 88) سورة النمل، اللقاء (25)
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي!
-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
أَلَم يَرَواْ أَنَّا جَعَلنَا ٱلَّيلَ لِيَسكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَت لِّقَوم يُؤمِنُونَ (86) وَيَومَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَوَتِ وَمَن فِي ٱلأَرضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوهُ دَخِرِينَ (87) وَتَرَى ٱلجِبَالَ تَحسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِي أَتقَنَ كُلَّ شَيءٍ إِنَّهُۥ خَبِيرُ بِمَا تَفعَلُونَ (88)
وكعادة آيات القرآن الكريم، تذكرنا من حين لآخر بنعم الله تعالى- علينا وآياته، ما يحملنا على شكره سبحانه - وتذكر لنا من أخبار يوم القيامة ما ينذرنا من عذابه، وتبصرنا بآلائه لنزداد إيماناً مع إيماننا، وشوقاً لربّنا - ونحب لقاءه، فيحب سبحانه- لقاءنا، فمن نعمه وآياته، أن جعل لنا الليل بظلامه وإرخاء سدوله، ونسيمه البارد، وانتثار نجومه، لنسكن فيه ونرتاح من عناء التعب والجهد الذي نبذله في ساعات النهار، فيستعيد الجسم نشاطه وطاقته وقوته، كما جعل النهار مبصراً، لنسعى في مناكب الأرض ونبتغي من فضله، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَأٓيَت لِّقَومٖ يُؤمِنُونَ)، وتذكر لنا الآيات من أخبار الآخرة، يوم الفزع الأكبر لكل من في السماوات والأرض، (إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُ) - ولا يعلمهم إلا الله - فعندما يُنفخ في الصور، يخرج الناس من قبورهم، فيأتون إلى ربّهم، (داخرين)، أي خاضعين منقادين متذللين بين يديه - عز وجل - كذلك من آلائه العظيمة، وصنعه الذي أتقن كل شيء، قوله: (وَتَرَى ٱلجِبَالَ تَحسَبُهَا جَامِدَة وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ)، فالجبال هي أوتاد الأرض التي تثبتها، (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ )، وبما أنها تسير سير السحاب، فذلك يعني أن الأرض تتحرك معها وتدور، (إِنَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَفعَلُونَ)،فيها إشارة إلى الأبحاث الحديثة التي تصدّق وتثبت ما جاء في القرآن الكريم، فدوران الأرض حول نفسها، ثم حول المجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية بأكملها حول المجرة، كل ذلك أضحى حقيقة علمية، فدوران الأرض حول نفسها، ينتج منه الليل والنهار، ودوران القمر حولها، ينتج منه الشهر القمري، ودوران الأرض حول الشمس، ينتج عنه الفصول الأربعة، وهذه الحقيقة العلمية لا تعارض نصوص القرآن، فالأرض قرار بالنسبة لنا، وهذا ما نشعر به، ولكنها في ذاتها تدور، ولا تعارض بين هذا وذاك، وكون الأرض تدور، لا يفيد أنها تضطرب، فاضطراب الأرض منفي بكتاب الله - حيث وصفها بالقرار، وثبتها بالجبال الرواسي، حتى لا تميد، وتضطرب بمن عليها"، والحمد لله ربّ العالمين!
أضف تعليقك...