الثلاثاء 2024-11-05
(جبل صُلصل) والأحداث التاريخية التي وقعت بجواره من السيرة النبوية ونزول آية التيمم
-
بقلم / د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الرفاعي
-
جميع مقالات الكاتب
-
تاريخي
جبل صُلصُل ويسمى الصهلوج ويسمى ضلع النوم، عند هذا الجبل وقعت أحداث مهمة من السيرة النبوية تنزلت بسببها آيات من القرآن الكريم.
هذا الجبل منفردٌ في وسط البيداء على يمين المتجه إلى مكة المكرمة ويبعد عن المدينة نحو خمسة عشر كيلو، نتعرف على هذه الأحداث المهمة التي وقعت بجوار هذا الجبل..
بسم الله توكلنا على الله...
هنا نزل القرآن.. هنا نزلت آية التيمم.. هنا نامت أم المؤمنين -عائشة رضي الله عنها-.. هنا فقدت عقدها.. هنا وجدته.. هنا نزل النبي عليه الصلاة والسلام بجيشه عندما رجع من بعض أسفاره وبات في هذا المكان مع الصحابة -رضي الله عنهم- حتى أصبح.. هنا أول تيمم في الإسلام من الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام ونزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن} إلى قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} سورة المائدة آية 6.
هذا المكان هو أحد منازل النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة فتح مكة، ومن هذا المكان قدّم الرسول عليه الصلاة والسلام الزُبير بن العوام في مئتين من المسلمين قدّمه أمامه قبل الجيش قبل أن يذهب إلى غزوة فتح مكة، قال ابن سعد في الطبقات الكبرى (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح من المدينة يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من رمضان فلما انتهى إلى الصُلصُل قدّم أمامه الزبير بن العوام في مئتين من المسلمين ونادى مُناديه (من أحب أن يفطر فليُفطر، ومن أحب أن يصوم فليصم).
روى النسائي وصححه الألباني عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعْضِ أسْفَارِهِ، حتَّى إذَا كُنَّا بالبَيْدَاءِ، أوْ بذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فأقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى التِمَاسِهِ، وأَقَامَ النَّاسُ معهُ، ولَيْسُوا علَى مَاءٍ، وليسَ معهُمْ مَاءٌ، فأتَى النَّاسُ إلى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقالوا: ألَا تَرَى ما صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أقَامَتْ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبِالنَّاسِ، ولَيْسُوا علَى مَاءٍ، وليسَ معهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ أبو بَكْرٍ ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واضِعٌ رَأْسَهُ علَى فَخِذِي قدْ نَامَ، فَقالَ: حَبَسْتِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسَ ولَيْسُوا علَى مَاءٍ وليسَ معهُمْ مَاءٌ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أبو بَكْرٍ، وقالَ: ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ وجَعَلَ يَطْعُنُنِي بيَدِهِ في خَاصِرَتِي، ولَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلَّا مَكَانُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى أصْبَحَ علَى غيرِ مَاءٍ فأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا فَقالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: ما هي بأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يا آلَ أبِي بَكْرٍ، قالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الذي كُنْتُ عليه فَإِذَا العِقْدُ تَحْتَهُ).
هنا جبل صُلصُل أو صهلوج أو ضلع النوم كما نعتهُ المؤرخ العيّاشي بذلك في كتابه (المدينة بين الماضي والحاضر) وقال: (يُعرف عند البادية بضلع النوم نسبة لنوم عائشة -رضي الله عنها- أسفله وهذا الضلع أو هذا الجبل هو حدٌ فاصل بين البيداء من مشرقه وبين ذاتِ الجيش من مغرِبه والله أعلم).
لما تُعاين مواضع السيرة النبوية التي وقعت فيها الأحداث من نفس الموضع ونفس الحدث يكون عندك تصور عن الحدث يحدث مالا يحدث لو قرأته في كتاب.
لله درُّها من تِلاع وبِقاع وفِجاج وأنقاب، هل سمعتم بمثل هذه المفاخر.. هل سمعتم بمثل هذه المناقِب.
أما موضع هذا الجبل فهو على طريق مكة أو ينبع القديم بعد مسجد الميقات بخمسة كيلو، يكون الجبل على الجهة اليمنى.
في الختام نقول: تعلموا تاريخكم تعلموا سيرة نبيكم فإنها مجدكم ومجدٌ آبائكم.
من الكتب والمراجع في هذا البحث:
- الطبقات الكبرى لابن سعد.
- كتاب (أحماء المدينة) للشيخ/عبدالله مصطفى الشنقيطي.
- كتاب (أودية حمى المدينة المنورة) للشيخ/عبدالله مصطفى الشنقيطي.
- كتاب (المعجم الشامل للمدينة المنورة) للشيخ/محمد عبدالوهاب العبّاسي والشيخ جميل المظاهري.
- كتاب (المدينة بين الماضي والحاضر) للمؤلف والمؤرخ/إبراهيم العيّاشي -رحمه الله-.
- كتاب (الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم) للمؤلف الشيخ /غالي محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-.
أضف تعليقك...