-
بقلم / أ.د. غازي بن غزاي العارضي
-
جميع مقالات الكاتب
-
اجتماعي
منذ انتقال عاصمة الخلافة الراشدة في عهد علي رضي الله عنه إلى الكوفة، ثم إلى دمشق عاصمة الدولة الأموية، ثم إلى بغداد عاصمة الدولة العباسية لم تعد الجزيرة العربية تحظى بذات الاهتمام السابق والاحتفاء اللاحق، وكانت تقع أحياناً تحت طائلة الحروب من خارج الجزيرة العربية واحياناً من داخلها بما ذلك (مكة والمدينة) ومع نهاية عهد الملوك الأقوياء في الدولة العباسية، عادت الفوضى تعصف بالجزيرة العربية في كل أنحائها، وتجلت أبرز فصولها المأسوية حينما هاجم القرامطة مكة المكرمة في القرن الرابع الهجري، وهدموا الكعبة ودفنوا بئر زمزم وقتلوا الحجيج في فجاج مكة وشعابها والمشاعر المقدسة، وحملوا معهم الحجر الأسود إلى عاصمتهم في البحرين، ولم يُسترد إلا بعد اثني عشر عاماً، ومنذ ذلك الوقت ذاقت الجزيرة العربية ويلات الحروب الأهلية، والفقر، والجوع، والمرض، والجهل، والعنصرية والعصبية، وألوان البدع والخرافات، والتخلف بكل أشكاله وألوانه، وتقسمت إلى إمارات صغيرة متخاصمة ومتحاربة فيما بينها تعتمد على الإغارة المفاجأة، وعلى شراء الذمم ورشوة زعماء القبائل الذين ينقسمون عادة في لوائهم بين هذه الإمارة أو تلك، ويغيرون ولاءهم بين عشية وضحاها بحسب قيمة الفاتورة المدفوعة لهذا الشيخ أو ذاك، واستمرت هذه الحالة المأسوية قروناً متطاولة حتى استهلال القرن الثاني عشر الهجري، حيث سطعت شمس دعوة التوحيد والوحدة من الدرعية وسط نجد بقيادة الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمهما الله) فتوحدت الجزيرة العربية لأول مرة بعد العهد النبوي والراشدي والأموي والعباسي، ورغم سقوط الدولة السعودية مرتين لأسباب لا داعي لذكرها في هذا المقام، إلا أن حبها وتأثيرها وحفظ مناقبها ماثلة في العيون والمشاعر والأفئدة، وسرعان ما عادت وتوحدت سنة ١٣٤٥ هجري على يد الملك المؤسس عبدالعزيز (طيب الله ثراه) ومن ذلك الوقت فهي في رقي مستمر، ولم تتوقف حركة النهضة والتعليم والبناء والحضارة يوماً واحداً حتى غدت السعودية دولة حضارية كبرى يشار لها بالبنان، وتقود العالم العربي والإسلامي بلا منافس، فأعادت للجزيرة العربية استاذتها وريادتها المفقودة.
ولم تخل في تاريخها من أعداء تقليدين وطارئين، ولكنها بقيت صامدة ذائدة لا تلين قناتها البتة، ولا سيما العداء السافر والصادر ممن يحمل نظرية حب الهيمنة والتوسع والسيطرة مشفوعاً بالخطاب القومي العلماني والشيوعي المارق، والذي تلاه الخطاب الإرهابي المتطرف فضلاً عن الدول العنصرية المذهبية والتي تبلورت أخيراً في تحالف المشروع الصليبي (الأمريكي الغربي) والمشروع (الصفوي الإيراني والمليشاوي التابع له) والمشروع الصهيوني بشقيه (اليهودي والعربي) وللأسف أن هناك من يريد أن يتغافل ويجامل ويتجاهل موبقات التيار الصهيوني العربي ويشنع على كل من يشير إلى موبقاته، وإجرامه، وحيله، ومكره، وخطره، ويتهمه بالإثارة والشَغب، وفي نظري أن أعدى أعداء المملكة على الإطلاق هو التيار الصهيوني العربي الخفي بأجنحته المختلفة، والذي يتكلم بلسان حلو خلوب يذوب رقة ونعومة، وهو ينقع بالسم النافع الزوآم، والذي يعيد إلى الأذهان الدور الخياني الإجرامي للمنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كانت المملكة العربية السعودية تحتضن الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين والمشاعر المقدسة، فإن الدفاع عنها وعن قادتها يعد من أشرف المهمات واوجب الواجبات الشرعية ويشمل: عدداً من القربات، والفرائض الشرعية والوطنية والقومية، ولا مجال للمجاملة أو التغاضي لأحد كائناً من كان في ذلك، وان غضبت معاطس، ولوت ألسن حنقاً، ومالت أعناق تصعراً، ويأتي في طليعتها موبقات التيار الصهيوني العربي بأجنحته ورموزه المختلفة، الذي تتربص بالمملكة العربية السعودية الدوائر ولا تفتأ من الكيد لها ليل نهار، والذي يظهر في مساليخ براءة الأطفال، وفي قلوب مساعير الذئاب، والذي ظهر جلياً في تحالف شيطاني غير معلن مع اجنحة التيارات الإجرامية الآنفة الذكر، فلنحتسب الأجر والمثوبة (عند الله عزوجل) في الدفاع عن هذه الدولة السعودية المنيفة الرائدة وقادتها الميامين، ومنهجيتها العربية والإسلامية ومكانتها العالمية، وأمنها الحساس، واستقرارها الهام ووحدتها الجغرافية، فضلاً عن أداء واجب البيعة لولي الامر، وما تمليه علينا الوطنية الشريفة، والقومية المنيفة التي جاء بها ودعا إليها الإسلام، بعيداً عن التعصب والعنصرية.
أضف تعليقك...