السبت 2024-12-07
الآيات 27- 35 سورة النمل، اللقاء (10)
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)
في القصة بيان لفضل صاحب العلم، فالهدهد علا شأنه بما أحاط به من العلم، فسلِم من العذاب ووقف أمام أعظم ملوك الأرض يقول: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ)، كما فيها بيان فائدة سعة صدر الحاكم وحكمته بقبول العذر، كما عليه التأكد من صدق الخبر، (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، لذا أرسله بكتاب يدعوهم إلى الإسلام، وتوحيد الله.
ثم تنتقل بنا الآيات إلى بلاط الملكة بلقيس، فعندما تلقت الكتاب، استفتت قومها واستشارتهم - والاستشارة أمر مطلوب شرعاً - ورغم أنهم قالوا بأنهم أقوياء وأولوا بأس شديد وجاهزون لإنفاذ ما تراه، إلا أنه ولِما كانت عليه هذه الملكة من دهاء وكياسة، وإيثار للسلم على الحرب، واللين على الشدة، مبينةً لهم أن الملوك إذا دخلوا قرية عنوة بالحرب، (أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً)، (وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ)، "استدلال على المستقبل بحكم الماضي على طريقة الاستصحاب"، لذا فإنها اختارت المهادنة، فلم تستسلم، ولم تهاجم، إنما أرسلت إليه الهدايا والأموال لتستميله، ولكنه عليه السلام- لم يكن طالباً للدنيا وطامعا في ملكها، بل كان هدفه هو الدعوة إلى توحيد الله- عز وجل- وعبادته.
ومما تجدر الاشارة إليه هو أن المهادنة، وتجنب الأحقاد والعداوات، والحرص على العلاقات الطيبة، والصداقات الحميمة، أمر مطلوب عرفاً، وعاقبته محمودة، ومندوب إليه شرعاً، قال سبحانه وتعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
أضف تعليقك...