-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}.
تحدثت الآيات السابقة عن أن الله تعالى قد قيّض لقارون من قومه مَن ينصحونه ويبيّنون له خطأه، ويدلونه على ما ينبغي عليه أن يقوم به تجاه تلك الأموال الطائلة والنعم العظيمة التي آتاه الله إياها، فالدنيا دار ابتلاء وامتحان للعبد، {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، والابتلاء قد يكون بالشر، كالخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات، وقد يكون بالخير، كالبسط في العلم والجسم، وفي الأموال والأولاد والتوسعة في الأرزاق، {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، فمن يشكر الله ويؤدي حقوق النعم، فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر وجحد وادعى أن تلك النعم بسبب ما لديه من علم وحذق ومعرفة ودراية بفنون الحياة، وأساليب الأخذ والعطاء، والبيع والشراء، أو ظنّ أنه مستحق لتلك النعم لتفضيل الله له على سائر البشر، أو بما لديه من قوة ومنعة وأعوان وآلات ومعدات، ووسائل تقنية، فهذا يكون قد تعلق بالأسباب، وكفر بالله الذي خلق وقدر الأسباب، ومكنها له، ومكنه منها، ومثَله بذلك كمثل قارون إذ قال لقومه: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي}، ولم يعتبر بمن قبله من الأمم الذين أهلكهم الله بكفرهم وجحودهم للنعم، رغم أنهم كانوا أشد منه قوة وأكثر جمعًا، ولم يبالِ بهم، فليس بعد هذا الإجرام من ذنب يُسألون عنه، ولا هم يستعتبون.
أضف تعليقك...