-
إعداد / حسين محمد المناعي
-
ديني
إن العفو من معالي الصفات، ومكارم الأخلاق، اتصف الله به وتسمى، فقال سبحانه:( إن الله كان عفوا غفورا) [النساء:25]، وجعله من الأمور الحسنى، ومن الأخلاق العليا، وأخبر - صلى الله عليه وسلم – أن الله عفو كريم يحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، وأن يتجاوز بعضهم عن بعض فعن عائشة - رضي الله عنها – قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها قال: «قولي: اللهم إنك عفوا كريم تحب العفو فاعف عني»، فأمر به العباد : ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) ]النور : 22[ بل وأمر به نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أشد المواضع فقال : ( ولا تزال تطلع على خآئنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ) [المائدة : 13] حتى كان العفو من أبرز صفاته فقال لقريش يوم الفتح، وهم من هم في ماضيهم وأذاهم له - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه، وتعذيبهم المستضعفين، وتنكيلهم المؤمنين،: «ما تقولون أني فاعل بكم؟». فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: «أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وفي العفو رحمة بالمسيء، وتقدير لجانب الضعف البشري، وامتثال لأمر الله وطلب لعفوه ومرضاته، شكا رجل خادمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلا: إنه يسيء ويظلم، أفأضربه؟ فقال: «تعفو عنه كل يوم سبعين مرة».
ومن آثار هذه التربية والتصفية، وهذا الأمر والتوجيه إنتاج مجتمع مترابط، إذ كان الصدر الأول من هذه الأمة، مجتمعا متآلفا، نابذا للنزاعات والخلافات، لاستحضاره النصوص القرآنية والآثار النبوية، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال: له أحد أصحابه: يا أمير المؤمنين قال الله لنبيه: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وإن هذا من الجاهلين، فما جاوزها عمر حين تليت، وكان وقافا عند كتاب الله، وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: لو أن رجلا شتمني في أذني هذه، واعتذر في أذني الأخرى، لقبلت عذره، والعزة بالعفو و به تنال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم –: «و ما زاد الله عبد بعفو إلا زاده الله رفعة»، وقيل لأبي الدرداء: من أعز الناس ؟ فقال: الذين يعفون إذا قدروا؛ فاعفوا يعزكم الله تعالى.
(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) [فصلت: 34]
أضف تعليقك...