• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الأحد 2023-10-29

قيس بن الخطيم بين ارخميدس وباسكال

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 410
  • التعليقات 1
  • Twitter
قيس بن الخطيم بين ارخميدس وباسكال
  1. icon

    بقلم / عز الدين المسكي

  2. icon

    جميع مقالات الكاتب

  3. icon

    نقدي

قيس بن الخطيم الظفري من شعراء الأوس ومن سرواتهم وشجعانهم عاش في يثرب قبيل الإسلام، صاحب لسان وسنان، وهناك قصيدة من عيون شعره تنم عن حكمة وتجربة في الحياة (على خلاف في ترتيب الابيات ونسبة بعضها لآخرين) يقول فيها:

وَلَيسَ بِنافِعٍ ذا البُخلِ مالٌ...وَلا مُزرٍ بِصاحِبِهِ السَخاءُ

وَبَعضُ الداءِ مُلتَمَسٌ شِفاهُ...وَداءُ النوكِ لَيسَ لَهُ شِفاءُ

يَوَدُّ المَرءُ ما تَعِدُ اللَيالي...وَكانَ فَناؤُهُنَّ لَهُ فَناءُ

كَذاكَ الدَهرُ يَصرِفُ حالَتَيهِ...وَيُعقِبُ طَلعَةَ الصُبحِ المَساءُ

وكلُّ شديدة نزلتْ بقومٍ ... سيأتي بعد شدتها رخاءُ

قيس هنا يتحدث عن تغير أحوال الانسان في هذه الحياة وكيف تتبدل اموره من حال الى حال، وهذا المعنى قد طرقه كثير من الشعراء قبل بن الخطيم وبعده، ولكن في القصيدة بيتان يدعوان القارئ الى التوقف والتأمل لغرابة ما يحملان من معنى، وليست الغرابة متعلقة ببيان او بلاغة، بل الامر يبعد عن كل ما يتعلق بالعربية وعلومها، ولننظر الى ما قاله قيس:

فَإِنَّ الضَغطَ قَد يَحوي وِعاءً ...وَيَترُكُهُ إِذا فَرَغَ الوِعاءُ

وَما مُلِئَ الإِناءُ وَشُدَّ إِلّا...لِيُخرِجَ ما بِهِ اِمتَلَأَ الإِناءُ

المعنى الذي يحمله البيتان يشير الى مبادئ وظواهر فيزيائية وطبيعية ، فالبيت الأول يقول ان الوعاء اذا كان ممتلئا فان هناك ضغط يحتويه ويؤثر عليه من خارج الوعاء وهذا ما نسميه الضغط الجوي ، ويقابله من داخل الوعاء ضغط المائع في كل اتجاه على جدران الوعاء ليتحقق توازن في الضغط بين الجانبين، واذا فرغ الوعاء مما فيه تلاشى الضغط الداخلي وتلاشى معه الضغط المؤثر من الخارج ، وهذا ما تنص عليه قاعدة بليز باسكال  (1662م) التي تقول :(أن الضغط الواقع على أي جزء من سائل محصور في وعاء مغلق ينتقل بكامله وبانتظام إلى جميع أجزاء السائل ويعمل في جميع الاتجاهات).

وأما البيت الثاني فالمتأمل في معناه يجد مبدأ ارخميدس (212 ق.م) المتعلق بالإزاحة حاضرا بصورة ما في تفسيره، فالإناء ولنفترض انه كان مملوء بالهواء فإنه عند ملئه بالماء سيقوم بإزاحة الهواء منه ليحل محله، تماما كما لو اتينا بكأس به زيت وقمنا بإضافة الماء فيه فسوف يزيح الزيت لأعلى.

وأتساءل: هل كان قيس بن الخطيم يعني تماما ما فهمناه من شعره حيث عكس فيه بعض مفاهيم وعلوم عصره؟

لم لا؟ من ينظر ويبحث مثلا في التقنيات المائية في الجزيرة العربية قديما سيجد ان للعرب باع كبير فيها من حيث استنباط المياه الجوفية واظهارها من باطن الارض الى خارجها واجرائها عبر قنوات من مكان لآخر وفق عمارة هندسية دقيقة متقنة، وليست ببعيدة عنا العين الزرقاء بالمدينة المنورة التي أجريت في القرن الأول الهجري من جنوب المدينة بقباء الى شمالها لمسافة عدة كيلومترات حيث يخرج ماء الابار ويسير في قنوات بطريقة ميكانيكية بسهولة ويسر.

ولم لا؟ وعلوم الطبيعة تراكمية في نفسها، فما وصلنا اليه اليوم من تقنيات ليس وليد عصرنا فقط بل نتيجة تراكمات وخبرات وتجارب سابقة تراكمت عبر العصور الغابرة، فلا الاغريق كانوا بدايتها وليس عصرنا الحالي نهايتها ولكنها بدأت بوجود الانسان على الأرض وسوف تستمر في الزيادة ما بقي على وجهها.

وهنا أجد في بيتي اليثربي قيس بن الخطيم دعوة لبذل المزيد من البحث والتقصي في تراثنا العربي للكشف عن أوجه حضارية كامنة في شعره ونثره.

 

طرق الموضوع بأسلوب ظريف ؛ جامعا الأدب بالفيزياء أمر كأنه جديد فيما أزعم ؛ و هو يشي بقدرة الكاتب و معرفته الفيزيائية جنبا إلى جنب بذائقته الأدبية ؛ وفي بوتقة مدينية ؛ كل الشكر .

أحمد الشرفي أبوأسامة . 2023-10-29 المشاهدات 2

أضف تعليقك...

 
  • 485 زيارات اليوم

  • 47917549 إجمالي المشاهدات

  • 3003234 إجمالي الزوار