1. 

   بقلم / عز الدين المسكي

2. 

   جميع مقالات الكاتب

3. 

   تاريخي

بداية نود الإشارة إلى وجود فرعين من الأوس يحملان نفس الاسم (أمية بن زيد)، الأول: يطلق عليهم كسر الذهب وهم أمية وعبيد وضبيعة بنو زيد من بني عمرو بن عوف أهل قباء، والثاني: يطلق عليهم الجعادرة وهم أمية ووائل وعطية بنو زيد، وحديثنا عن بني أمية بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك بن الأوس من الجعادرة.

تحديد موضع منازل بني أمية بن زيد:

قال المؤرخ السمهودي (911هـ): (قلت: الذي يتحرر مما سبق في المنازل أنهم كانوا قرب النواعم وبئر العهن، وهي من أموالهم كما سنبينه في الآبار، ويمر سيل مذينب من بيوتهم ثم يسقي الأموال. وبالحرة الشرقية قريبًا من الموضع المذكور آثار قرية يمر بها سيل مذينب الظاهر أنها قريتهم).

مزارع النواعم وبئر العهن معلومة الموقع قائمة إلى يومنا هذا، ومسجد بني أمية بن زيد من المساجد التي ورد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم به، أي أنه من المساجد التي يعود بناؤها للعصر النبوي.

الروايات الواردة في مسجد بني أمية بن زيد:

1/ قال السمهودي: (وروى ابن زبالة عن سعيد بن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في بني أمية في موضع الكبا عند مال نهيك بن أبي نهيك).

2/ روى بن شبة: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ لَهُمْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَانَ فِي مَوْضِعِ الْكِبَا بين الْخربتَيْنِ اللَّتَيْنِ عِنْدَ مَالِ نَهِيكٍ).

3/ وروى بن شبة كذلك: («أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي تِلْكَ الْخَرِبَةِ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَاكَ أَجَمٌ، فَانْهَدَمَ فَسَقَطَ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، فَتُرِكَ وَطُرِحَ عَلَيْهِ التُّرَابُ حَتَّى صَارَ كِبًّا»).

نتحصل من هذه الروايات أن المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم قد تهدم مبكرًا نتيجة سقوط الأجم (الأطم) القريب منه على المسجد ثم طرح على المكان التراب إلى أن أصبح كبا، والكبا هو التراب والكناسة، وبالتالي تحول الموضع إلى خربة.

هذه الحالة هي التي جعلت النسيان يطوي خبر موضع هذا المسجد عن المؤرخين لفترة امتدت إلى عصر السمهودي الذي رأى آثار قريتهم بعينيه ولكنه لم يتتبع موضع المسجد بين آثار مبانيها.

وفي القرن الحادي عشر الهجري اكتشف المؤرخ العباسي صاحب كتاب عمدة الأخبار موضع مسجد بني أمية بن زيد، فقال: (قلت: قد فتح الله علينا فوصلناه ووجدناه على الصفة التي وصفوه بها من الأعلام، وإن كان مندرسُا من البناء ولكن وجدنا مكانه بالتعيين وفيه رمل قديم، وهو في الحرة شرقي بئر العهن والنواعم بالعوالي وبقربه آثار القرية، وبينه وبين العهن أطم النواعم).

ولعل الذي دل العباسي إلى مكان المسجد وجعله يبحث عنه بين آثار القرية ما نقله عن المؤرخ حسن بن علي بن شدقم (999هـ):

(قال الشريف: وشرقي النواعم والعهن مزارع لا نخيل فيها وشرقي المزارع في الحرة منازل خربة صارت لنا بعض هذه المزارع مع العهن).

وفي عدة جولات ميدانية لتوثيق الموقع تاريخيًا تم الوصول إلى مسجد صغير أثرى مبني بالحجر البازلتي كبقية المساجد الأثرية بالمدينة وفي شرقه مقبرة قديمة.

ولمزيد من التثبت من أن هذا المسجد هو فعلًا مسجد بني أمية بن زيد الذي اكتشفه العباسي أقول:

أولًا: ذكر العباسي أن المسجد في الحرة وتؤكده رواية السمهودي حينما تحدث عن منازلهم بها، والمسجد فعلًا يقع في سند الحرة.

ثانيًا: حدد العباسي موقع المسجد شرقي النواعم والعهن، والمسجد يقع شرقيهما في قرية بني أمية بن زيد.

ثالثًا: ذكر العباسي وجود أطم النواعم بين المسجد وبين العهن، وفي الطرف الشرقي من النواعم كانت هناك آثار مبنى يسمى الحصن.

جميع هذه الدلائل تفيد أن هذا المسجد هو مسجد بني أمية بن زيد التاريخي الذي اكتشفه العباسي وتم إعادة بنائه لاحقًا، ويطلق عليه محليًا مسجد أبي ذر رضي الله عنه.

ويتبقى أن أشير إلى أن ما ذهب إليه المؤرخ العياشي رحمه الله تعالى في تحديده لمسجد بني أمية بن زيد في أنه يقع شرقي بئر الغرس فهو بعيد، فمنازل بني أمية لا تصل إلى الغرس ولا بجوارها ولا يمر بها وادي مذينب، والذي في شرقي بئر غرس جزء من منازل بني خطمة مقابلة لمزرعة المدشونية التي هي من منازلهم، وفي شمالهم تبدأ منازل بني الحارث بن الخزرج أهل منطقة السنح.