• icon لوحة التحكم
  • icon

icon السبت 2022-10-29

كن لطيفا وحسب

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 486
  • التعليقات 0
  • Twitter
كن لطيفا وحسب
  1. icon

    بقلم / رغداء بنت أحمد المحمد

  2. icon

    جميع مقالات الكاتب

  3. icon

    توجيهي

"تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله

وضعت القوانين والسياسات في الدوائر الحكومية والخاصة وفي المنشآت الكبيرة والصغيرة من أجل غاية أساسية واضحة وهي ضبط سلوك الموظفين، ومتابعة أداءهم دون تأخير أو تراخي أو تقصير، وحتى يضمن الملاك سير عملهم على أكمل وجه، وبأحسن جودة ممكنة، وبالتأكيد دون تحيزٍ أو محاباة، وعليه يقوم مؤسسي الشركات، وملاك المنشآت بشكل عام بتعيين مدراء ومشرفين مهمتهم الأساسية هي متابعة هذه القوانين، والتأكيد على ضرورة التزام الجميع بتطبيقها دون خلل أو تأخير، سيما أن بعض التغافل مطلوب وبعض من غض البصر عن زلاتٍ صغار واجب على المدراء.

ولا يكون التغافل والتغاضي عن كل شيء بل ينبغي معرفة ماهية هذه الزلات ودواعي التغاضي عنها وتحديد المعنيين بها.

أولا: ودون شك أنه لا يتغاضى إلا المدير الكفؤ الذي يعلم تمام المعرفة أن تغاضيه مطلوب، وأنه قادر على متابعة الأمر من بعد ذلك، وأن تغافله لا يعني أبداً تساهله، ولا يعني أنه لن يعاقب الموظف من بعد ذلك.

كمثال على ذلك، موظف ملتزم بجميع القوانين ولا يتوانى عن تنفيذ مهامه على أكمل وجه، إلا أنه ولظرف خاص اضطر إلى الخروج من مقر عمله دون استئذان، وتنص قوانين الشركة على محاسبة الموظفين الذي يخرجون من العمل قبل انتهاء ساعات عملهم، في هذه الحالة أمام المدير إحدى الخيارين :

  • أن يطبق قوانين الشركة ويحاسب الموظف على تأخيره مع توثيق الحادثة في سجل الموظف
  • أو أن يتكلم مع الموظف ويتفهم أسبابه إن كانت منطقية وطارئة ويتعامل معه بلطف، ومن ثم يكتفي بتنبيه الموظف مع عدم إضافة ما حصل إلى سجله

وأرجح الآراء إن كان المدير من النوع الكفؤ هو أن يحاول تفهم موقف الموظف أولاً، ومن ثم يأخذ منه عهداً بعدم تكرار ما حصل وبضرورة الرجوع إلى المدير في المرات القادمة مهما كانت الظروف، وفي آخر الأمر فإن ثقة المدير بإدارته، ومعرفته المسبقة بشخصية موظفيه وبطباعهم تجعله قادراً على الحكم إن كان بإمكانه أن يغض الطرف أو أن يحاسب الموظفين.

ثانياً: يعتمد اعتماداً كلياً على حجم الزلة وعلى مدى الاطلاع عليها

قد يتساهل بعض المدراء مع بعض الموظفين مرات عديدة دون محاسبة إن كانت الزلات أمور بسيطة:

مثلاً: أحد الموظفين متميز في عمله وينجز جميع المهام الصعبة في الشركة والتي لا يستطيع غيره إنجازها بكفاءته وسرعته وقد يتأخر في عمله ويغادر بعد انتهاء ساعات دوامه حتى ينهي مهامه، في حالته هذه قد يتغاضى مديره عن وصوله المتأخر إلى عمله في بعض الأحيان، رغم أنّ المدير لا يتغاضى عن تأخير الآخرين كما يفعل معه.

ثالثاً: يعتمد على الشخص المرتكب للمخالفة وهل يستحق التساهل أما لا! بعض الموظفين الذين لا يلتزمون بالوقت ولا ينجزون أعمالهم في أوقاتها؛ هؤلاء غالبا يحاسبون على أي تأخير، ولا يتوانى مدراءهم عن فرض العقوبات الملائمة لحجم المخالفة دون مراعاة أو تساهل.

أما الموظفون الملتزمون المتابعون لأعمالهم والموالون لشركاتهم فهؤلاء غالبا ما يتم التغاضي عن محاسبتهم، ويصعب الوقوف على بعض زلاتهم تماماً كما المثال السابق، وليس في ذلك محاباة أو تمييز وإنما مكافأة غير مصرح بها مقابل التزامهم وتفانيهم في عملهم.

ولازلنا في الأمثلة السابقة نتحدث عن المدير الكفؤ، المدير الناجح الذي نال استحقاق الإدارة، أما ما يحصل مع بعض المدراء الذي يتم تعينهم بالمحاباة (الواسطة) أو من هم في صميم ذواتهم يعلمون بنقصهم وبعدم استحقاقهم لمسمى مدير؛ فهؤلاء غالبا ما يعاقبون موظفيهم على زلاتهم كبرت أما صغرت، وهم من لا يميزون بين الموظفين الملتزمين والموظفين المتساهلين؛ فالكل في قاموسهم سواسية لأنهم يقرأون من كتاب واحد، ولا يمارسون مهنتم بالخبرة والكفاءة وهؤلاء غالبا يصل بهم الأمر إلى أن يتتبعوا تحركات موظفيهم لمعرفة مدى التزامهم، وغالبا يكون ذلك بسبب معرفتهم المسبقة بأنهم لا يستطيعون الثقة بموظفيهم، وكيف يثقون بهم وهم لا يثقون بأنفسهم؟

خلاصة القول، وضعت القوانين لمتابعة الأداء وللتأكيد على الالتزام، وليس للتضيق على الموظفين وحصارهم بالالتزامات، ولابد من بعض التجاهل والتغافل حتى لا يشعر الموظفون وكأنهم عبيد في مكان عملهم، وأنهم مراقبون في كل الوقت، وعلى المدراء الناجحين أن يكونوا صوت الإدارة المسموع والستر والدرع الحامي لموظفيهم فالتوازن في مهامهم هو أساس نجاح إدارتهم. باختصار عليهم أن يكونوا لطفاء في تعاملهم وأن يستخدموا الرفق بدلاً من السيطرة والعنف التي غالبا ما تكسر الآخرين وتنتهي بكسرهم في آخر المطاف، وكما ذكر في الحديث القدسي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه} رواه مسلم

أضف تعليقك...

 
  • 995 زيارات اليوم

  • 48788426 إجمالي المشاهدات

  • 3014179 إجمالي الزوار