الأربعاء 2025-03-12
الآيات (50-52) سورة الفرقان، اللقاء (23)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا * وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}.
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ}، يحتمل وجهين، الوجه الأول: الماء الذي ينزله الله من السماء، باعتبار الآية ما قبلها، {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}، والآخر: القرآن، باعتبار الآية التي بعدها، {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، وهذا من الإعجاز القرآني، وقد صرفهما الله بين الناس، ليذكروا بهاتين النعمتين العظيمتين، فالماء يحيي الأرض والكائنات، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، والقرآن يحيي القلوب، {كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}، ولكن أكثر الناس لا يذكرون، ولا يشكرون، وبنعمة الله هم يكفرون، {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا}، لقد بعث الله تعالى الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى جميع الأمم السابقة، وقد يبعث في الأمة أكثر من نبي، {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}، أما في هذه الأمة -وإلى قيام الساعة- فلم ولن يُبعث إلا النبي محمد، للناس كافة، نذيرًا لكل القرى التي في الأرض، من إنس وجن، من عذاب يوم شديد، لمن لم يؤمن بآيات الله تعالى، ثم حمل أمته من بعده أمانة الدعوة، وجعل لهم الخيرية على جميع الأمم لقيامهم بواجب الدعوة، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} الآية، وأمرهم بأن يجاهدوا الكافرين بالقرآن جهادًا كبيرًا، فأنزله بلغتهم، ليفهموه ويدّبروه ويظهروا معجزاته ويبلغوه للناس كافة، قال عليه الصلاة والسلام مرغبًا أمته في الدعوة إلى دين الله عز وجل: (بلغوا عنِّي ولوْ آيةً، وحدثُّوا عنْ بني إسرائيلَ ولا حرجٌ، ومنْ كذبَ عليَّ متعمدًا فليتبوأْ مقعدَهُ منَ النارِ).
أضف تعليقك...