الثلاثاء 2025-02-04
الآيات (198-203) سورة الشعراء، اللقاء (23)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ * كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ}.
{الْأَعْجَمِينَ}: جمع أعجم، وهو الذي لا يتكلم سواء كان إنسانًا أو بهيمة أو جمادًا والأعجمي: المنسوب إلى العجم أي غير العرب، ومعنى الآية: أن القرآن لو نزل على من لا يتكلم، ثم قرأه على المعاندين المكذبين قراءة صحيحة مع وضوح برهانه، فإنهم لا يؤمنون به لإفراط عنادهم، مع أنهم في قرارة أنفسهم يعرفون صدقه، وأنه ليس من كلام البشر، وهذا السلوك المنكر المشين منهم، بأن تصدقه أنفسهم، وتكذبه أفعالهم، ظلمًا وعلوًا واستكبارًا، إنما هو عقاب لهم على إجرامهم، {كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}، سلكناه: أي أدخلناه، والمجرمين: لأن كفرهم بعد نزول القرآن، وإدراكهم أنه ليس بكلام بشر، هو عين الإجرام، فإذا ما نزل بهم العذاب من مرض أو مصيبة في أنفسهم أو أهليهم فإنهم يهرعون إلى الإيمان بالقرآن، فيسترقون به، ويتلون آياته، ويتحصنون بكلماته، ومثلهم في ذلك فرعون عليه لعنة الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، إلا أن العذاب يأتيهم على حين غفلة، وعدم إحساس منهم، ولا استشعار بنزوله، ليكون أبلغ في عقوبتهم والنكال بهم، {فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ}، أي ليتنا نمهل قليلًا لكي نصلح ما أفسدناه بأفعالنا. فلا يؤمنون بالقرآن حتى يروا العذاب الذي يأتيهم فجأة، ثم لا يُنظرون ولا يُستعتبون، {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ}.
أضف تعليقك...