السبت 2025-01-04
الآيات 03-04 سورة الشعراء، اللقاء (02)
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{لَعَلَّكَ بَٰخِع نَّفسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤمِنِينَ * إِن نَّشَأ نُنَزِّل عَلَيهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَة فَظَلَّت أَعنَٰقُهُم لَهَا خَٰضِعِينَ}.
يعاتب الحق تبارك وتعالى رسوله عليه الصلاة والسلام على إرهاق نفسه وتحميلها فوق طاقتها من العناء والجهد والحرص الشديد على هداية المعاندين والمكذبين من الناس، لآيات كتابه المبين، أي الواضح الألفاظ، القوي الحجة والبرهان، المحكم المعاني والأحكام، {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، فلم يبق لهم حجج يتحججون بها، ولا عذر يعتذرن به، إلا العناد وظلمهم لأنفسهم، ورغم ذلك فإنه عليه الصلاة والسلام- كان كما وصفه سبحانه بقوله: {لَعَلَّكَ بَٰخِع نَّفسَكَ}، أي مهلكها، وفي الآيه دلالة على تفاني هذا الرسول الكريم في أداء الأمانة، وشفقته وحرصه على هداية الكافرين، ورحمته بالمؤمنين، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}، لذا وجب علينا محبته والصلاة والسلام عليه، كما أمرنا ربنا بقوله:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، ولفظة لعل: تعني الإشفاق عليه، كما فيها النهي عن أن يهلك الداعي نفسه حسرة على الذين لا يهتدون، لأنه لو شاء الله لأنزل آية من السماء تجبرهم على الإيمان، كأن تأتيهم صاعقة أو نحوها تهلك كل من لا يؤمن، ولكنه سبحانه يريد من عباده أن يؤمنوا طائعين لربّهم، متحببين إليه، مختارين ما عنده، طامعين في عفوه، راجين ثوابه، وخائفين من عقابه.
أضف تعليقك...