الثلاثاء 2024-10-29
الآية (56) من سورة القصص، اللقاء (27)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
الهداية أربع مراتب، الأولى: هداية جميع المخلوقات "هداية فطرية"، إلى مصالح معاشِها وما يُقِيمُها، وهذا أعمُّ مراتِبِه، كقوله: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ}.
الثانية: هداية الدلالة والتعليم والبيان والأمر والنهي والدعوة إلى ما ينفع الناس المكلفين في أمر معادهم وآخرتهم، كقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
الثالثة: هداية التوفيق: بأن يجعل الله الهدى في القلوبِ، ومَشيئته سبحانه وخلْقه لدواعي الهُدى فيها، وفضله وإرادته بإقدار العبد عليها، وهو ما يُسَمى بالرُشد، أو الإلهام، وهذه الهدايةُ لا يَقدِرُ عليها إلَّا اللهُ -عزَّ وجَلَّ- وحده، وهي المقصودة بهذه الآية: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
الرابعة: الهدايةُ يومَ المعادِ إلى طريقِ الجنَّةِ كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، أو إلى طريق النار، والعياذ بالله، كقوله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ}.
ومن مغازي الآية: أنه على الداعي أو المربي أن يشكر الله على المرتبة الأولى للهداية، وأن يبذل جهده وطاقته في المرتبة الثانية، وأن يسأل الله التوفيق، لأنه بيد الله وحده، في المرتبة الثالثة، وألا يحزن إذا لم تتحقق هداية التوفيق لمن يرجو هدايتهم، {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، فهو سبحانه العليم بالضمائر والسرائر.
أضف تعليقك...