الثلاثاء 2024-10-01
الآيات (16- 17) من سورة القصص، اللقاء (10)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}.
المؤمن تواب أواب رجّاع إلى ربّه -وهذا كليم الله- موسى عليه الصلاة والسلام، عندما رأى عدوه قد مات، رغم أنه لم يقصد قتله، وحيث إن قتل النفس محرم، {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، وهو من السبع الموبقات، قال عليه الصلاة والسلام: (اجتنِبوا السَّبعَ الموبقاتِ. وذكر منها: قتل النَّفسِ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ إلّا بالحقِّ)، والمُوبِقاتُ: الذُّنوبُ المهلِكاتُ؛ وسُمِّيت بذلك لأنَّها تُهلِك صاحبَها بما يَترتَّبُ عليها مِن عِقاب، لذلك سارع موسى، بالاستغفار، وقد تضمن استغفاره ثلاثة أمور، هي: الندم والاعتراف بالذنب، {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي}، ثم سأل الله تعالى أن يستر له الذنب، وأن لا يعاقبه عليه، مع العزم على عدم العودة لذلك الفعل، وعاهد الله على ألا يكون عونًا للمجرمين، {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}، "ويحتج بهذه الآية على المنع من صحبة الظالمين، ومساندتهم".
وقد حمله ندمه على الخضوع لربه والاستغفار، ثم لم يزل موسى يعدد ذلك، مع علمه بأن الله قد غفر له، حيث يقول يوم القيامة: إني قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، وعدّه على نفسه ذنبًا، وعدده الله عليه، بقوله: {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}، لذلك يجب على المؤمن أن يخاف من ذنوبه، ولو تاب منها، كما أن في ذلك تربية من الله عز وجل لأوليائه، فيحملهم الذنب على الانكسار والتقرب إليه، والانقياد له، والإكثار من الطاعات.
أضف تعليقك...