( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )

محور تأمّلنا .. ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا )

هاجر إلى ربّه ووهب نفسه لله فوهبهُ الله الذرية بعد أن كان محروماً منها وجعل من ذريته أنبياء ومن ذريته نبينا محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام وكل الأنبياء من بعده من ذريته وأنزل عليهم الكتب وأم الكتاب القرآن الكريم خير كتبه كما أنه آتاه أجرهُ في الدنيا زوجة جميلة وسعة في الرزق وذكر له في كل صلاة ورضّى عنه جميع الأديان وجعله في الآخرة من عباده الصالحين،

فما أعظم ثواب من هاجر إلى الله وهجر مانهى عنه الله من الذنوب والآثام والإفساد في الأرض وسعى بين الناس ناصحاً مرشداً معلماً للخير دالاً على الله بأقواله وأعماله قدوة للناس في البر والإحسان فمن الناس من يعيش لنفسه فقط ومن الناس من يعيش لأهله وأولاده ومن الناس من يعيش للأمة يتمنى للجميع مايتمناه لنفسه وأولاده ويهاجر فيما بينهم ومن مجلس إلى مجلس ومن بلد إلى بلد بقلمه ولسانه وفكره وعقله وبما أوتي من وسائل الإتصال بهم يحثهم على هجر المعاصي والتباغض والحسد والأنانية وحب الذات والهجرة بالإقبال على كتاب الله وسنة رسوله يستمدون منه الحكمة والأحكام والقصص والعبر لمن سبقهم من الأقوام والإخبار والخبر لما بعد إنقضاء العمر والأيام ويبشرهم بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية جهاد للنفس بالصبر على الطاعات وصبرها عن المعاصي ونية صادقة في التعامل مع الله ومع النفس ومع الناس بالبر والتقوى.

( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا )

فمن عظيم كرم الله وعلمه بحاجة النفس البشرية لم يحرمها من ثواب الدنيا ومتاعها لعباده الصالحين رغم هوانها على الله مقابل ثواب الآخرة ولكنّهُ تعالى منّ عليهم بنعيم الدنيا ومتاعها وجعلها من عاجل البشرى لهم.