( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

محور تأمّلنا .. ( إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي )

الهجرة من السنن النبوية، قرر إبراهيم عليه الصلاة والسلام الهجرة من البلدة الكافرة حاملاً معه رسالة ربّه لهداية البشرية فهو قد هاجر بجسمه ولسانه وفكره، فكم منّا اليوم من يهاجر بجسمه فقط وكم من يهاجر بلسانه وكم من يهاجر بفكره، وهناك هجرة دائمة وهجرة مؤقتة وهجرة بوسائل الإتصال الحديثة التي تنقلك من بلد إلى بلد وأنت في مكانك وبين أهلك وخلانك.

فعندما تسافر بهدف السياحة أو التجارة أو العمل أو الإستشفاء أو الزيارة فأحمل معك وفي عقلك وفكرك هم ومهمة إصلاح الناس والخوف عليهم والرغبة في تحقيق الخير لهم كما تتمناه لنفسك وأهلك عندها تكون قد جعلت مع هدفك الدنيوي هدفاً يرضي الله وجعلت سفرك هذا هجرةً في سبيله فليس مطلوباً منك إلا أن تتصرف حسب العُرف والأخلاق والفضيلة تلقي السلام تتبسم في وجه الناس والكلمة الطيبة تعاملهم كما تُحب أن يعاملوك تكرمهم كما تحب أن يُكرموك تعطف على صغيرهم تحترم كبيرهم تقيم شعائر الله كما أمرك تحفظ صلاتك وعوراتك وتكف الأذى وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة بقدر إستطاعتك دون تكلّف أو إيذاء أو مضايقة أو تعدي على حقوق الآخرين.

تستطيع أن تهاجر بوسائل الإتصال التي بين يديك وأنت تلهو وتتسلي وتقضي الأوقات إذا كان لديك الفكر والإهتمام بإصلاح الآخرين وذلك بالحرص على نقل النافع المفيد والكف عن نقل مايُثير الفتن والضغائن بين الناس ومايُغيرُ الصدور فكّر في الآخرين احمل همهم تمنى لهم الخير كما تتمناه لنفسك وأحبابك وإن لم تستطع فعل أي شيء لهم تكن قد هاجرت بفكرك في سبيل الله.

اللهم اجعلنا ممن يهاجر في سبيلك وتقبلنا في المهاجرين فالمهاجر من هجر مانهى عنه الله تعالى وزجر.