(وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

محور تأمّلنا هو المكيال والميزان والإفساد في الأرض, المكيال يكون في الأشياء التي المادية والأطعمة وخلافها والميزان يكون للأشياء المادية، وكذلك يكون في التعاملات والسلوك والحقوق والواجبات, وبخس الناس في المكيال، كأن يشتري منهم بمكيال كبير ثم يبيع لهم بمكيال أقلّ مِنْهُ حجماً، ليحصل على كمية من الطعام تزيد عن حقّه، وهذا من الفساد في الأرض.

كما أن بخس الناس في ميزان التعامل معهم، كأن يحبّ أن يؤتيهُ الناس مالا يستطيع هو أن يؤتيهم بمثله، أو أن يطلب منهم من الاحترام أو المعاملات أقل مما يقوم هو به نحوهم بالمثل، فهذا أيضاً من الإفساد في الأرض, وهذا الفساد في التعاملات بين الناس في الأخذ والعطاء فيما بينهم في الأمور المادية أو المعنوية هو الفساد الذي يستوجب حلول العذاب المحيط، الذي جاء الإنذار به في الآية السابقة.

فالعاقل هو من يضبط كلامه، وتصرفاته، وأفعاله مع الناس، ويؤتيهم، ويتعامل معهم، مادياً وسلوكياً بالشيء الذي يحبّ أن يؤتونهُ، ويتعاملون به معهُ، لكي لا يكون من المفسدين في الأرض، فيحلّ عليه العذاب المحيط أي الذي لا يستطيع الخلاص منه، فالكثير مما نرى ونسمع من المصائب والمشاكل والأهوال التي تنزل بالكثيرين من الناس من ديون وأمراض وفتن، ربما كان سببها كلمة سيئة، أو نظرة  ازدراء يتعامل بها مع غيره من الناس وهم عاجزون على أن يعاملونهُ بمثلها، أو ربما بخس غيرهُ بحقّ أكثر مما هو مقرر أو مسموحٌ له به منهم.

نسأل الله العافية والسلامة