الاثنين 2025-02-03
التحديات السلوكية للطلاب: كيف تؤثر الاضطرابات الأسرية على مسيرتهم التعليمية؟

-
اماني العطاس
-
خبر
-
السعودية
-
جده
في رحلة التعلم، يظل الطالب والمعلم في تفاعل مستمر، حيث يجتمع المُتلقي والمُلقي، والمستقبل والمرسل. تُنفذ هذه العملية عبر موجة غير مرئية من التواصل الذهني، حيث يكتشف المعلم من خلال تفاعل الطالب معه احتياجاته، مشكلاته، وأفكاره. إن سلوكيات الطالب في الفصل لا تعكس فقط مستواه الأكاديمي أو مهاراته الدراسية، بل تكشف عن تفاصيل حياته خارج أسوار المدرسة، التي تتأثر غالبًا بالاضطرابات الأسرية.
أكدت المستشارة التربوية، أ. حنان الغامدي، أن الاضطرابات الأسرية تُعد من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى المشكلات السلوكية للطلاب، مثل التحرش الجنسي المبكر، نوبات الغضب المستمرة، العدوانية، الكذب، وتدمير الممتلكات العامة، وقد تصل هذه السلوكيات إلى الإدمان في مرحلة المراهقة. في هذا السياق، تظهر التغيرات السلوكية على شكل أنماط عدوانية مفاجئة وتصرفات استعراضية، تتميز بنشوة انتصار تتحدى النظام المدرسي، مما يؤثر بشكل كبير على علاقات الطالب مع المعلمين وزملائه.
وفي حديثها، أوضحت أ. حنان الغامدي بعض المؤشرات السلوكية التي قد يلاحظها المعلم، مثل الطالب الذي يتنازل عن مكانه أو أدواته مقابل رضا زميله، أو الذي يعبث بالأدوات ويكسرها لجذب الانتباه، أو الذي يفتقر إلى الثقة في نفسه ويقوم بمحو ما يكتبه بشكل مفرط حتى يتلف الورقة. وأشارت إلى أن دور المعلم هنا يكمن في التوجيه الإيجابي وتعزيز الثقة بالنفس من خلال الأنشطة التي تشجع الطالب على الإنجاز وتحقيق النجاح.
وتطرقت الغامدي إلى تأثير سوء المعاملة اللفظية أو الإهمال العاطفي في المنزل، حيث يسبب ذلك شرخًا كبيرًا في أمان الطفل النفسي، مما يعوق قدرته على التعبير عن مشاعره. في ظل هذه الظروف، تظهر على الطفل مظاهر من التشتت الفكري، وعدم وضوح الهدف من التعلم، حيث يظهر عليه التردد والتلعثم في تعبيراته.
وأضافت الغامدي بأنه يجب على المعلمين التدخل بشكل تربوي فعال من خلال مهاراتهم وخبراتهم لمساعدة الطلاب على تجاوز الصدمات النفسية، وخلق بيئة تعليمية تحفزهم وتعيد لهم اتزانهم النفسي. وأكدت أن المعلم لا يقتصر دوره على نقل المعلومات، بل يشمل دعم الطالب نفسيًا وتربويًا وتعزيز الجوانب الإيجابية في سلوكه.
كما أوضحت الغامدي أن دور المرشد الطلابي لا يقل أهمية عن المعلم في هذا المجال، حيث يُعتبر مؤهلاً لمساعدة الطلاب في التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية التي قد تؤثر في مسيرتهم التعليمية. وفي بعض الحالات، قد يستدعي الأمر إشراك الأسرة لضمان تقديم الدعم الكامل للطالب، خاصة عندما تكون المشكلة كبيرة وتؤثر على النمو والتعلم. وأكدت أن التعاون بين المعلم، المرشد الطلابي، والأسرة يعد أمرًا أساسيًا لتوفير بيئة تعليمية متكاملة تدعم نمو الطفل بشكل سليم، مما يساهم في الحد من الاضطرابات السلوكية التي قد تعيق تعلمه وتطوره.
من جهتها، لفتت الكاتبة والباحثة أ. حصة مطر إلى بعض أشكال الاضطرابات الأسرية الشائعة، مثل تنافر الوالدين وحل مشكلاتهم بالعنف والأصوات المرتفعة، قسوة أحد الوالدين أو مقدمي الرعاية أثناء التعامل مع الأبناء، وشعور الأبناء بالنبذ والإهمال. وأكدت أن من الضروري أن يدرك الوالدان ومقدمو الرعاية أن دور الأسرة يتجاوز توفير المأكل والمشرب، بل يشمل توفير الأمان النفسي والعقلي والدعم الذي يحتاجه الأبناء لتحصيل علمي متميز.
وأشارت أ. حصة إلى أن الأبحاث تؤكد أن الأسرة تلعب دورًا محوريًا في تحصيل الأبناء الأكاديمي، حيث يعاني الطلاب الذين يعيشون في أسر مفككة أو صراعات عائلية من تدهور في سلوكهم الأكاديمي، مما يعرضهم للسلوكيات المنحرفة وتدني التحصيل الدراسي. وبالمقابل، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة العلوم الاجتماعية بجامعة سوات في عام 2023 على 400 طالب ثانوي أن المشاكل الأسرية تؤثر بشكل كبير على تحصيل الطلاب، في حين أن البيئات الأسرية الداعمة تساهم في تحسين تحصيل الطلاب وثقتهم بأنفسهم.
الحلول المقترحة:
- توعية الوالدين بأهمية الاستقرار الأسري وتأثيره على مستوى الطالب.
- تعزيز الروابط بين الأسرة والمدرسة.
- احتواء الأبناء وتقديم الحب والحزم في نفس الوقت.
- توفير بيئة منزلية تدعم العملية التعليمية من خلال الانضباط في أوقات النوم، تجهيز مكان مناسب للاستذكار، وتقديم الدعم اللازم علميًا.
أضف تعليقك...