• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الخميس 2023-05-25

علمتني الحياة

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 514
  • التعليقات 0
  • Twitter
علمتني الحياة
  1. icon

    بقلم / زينب بنت محمد أنطاكي

  2. icon

    جميع مقالات الكاتب

  3. icon

    اجتماعي

الحياة عبارة عن مسرح كبير، يضحكنا مرة، ويبكينا عدة مرات، مشاهده دروس وعبر، يضنينا منه ما يضنينا، ويفرحنا بعض من لوحاته الملونة، نتفاجأ بعروضه التي تظهر أحيانًا على هيئة أغنية نترنم على ألحانها شادين ومغردين، وأحيانًا أخرى نتلعثم من هول الصدمة، وترعبنا بعض تفاصيله التي تختبئ خلف ستائره المؤلمة، وبين طيات صفحاته دروسًا لا تنتهي، فالحياة هي المدرسة الأولى المبدعة في التعليم بالتجربة "والتجربة خير برهان" فحفظ الدرس مطلوب وإلا ستسقط وتعيد التجربة مرارًا وتكرارًا حتى تتعلم، والفطن من يتعلم من أول صفعة، وأول ركلة، وأول تعثر، حتى يصبح ذا خبرة ومعرفة بكل المشاهد، حتى ذلك المشهد الخفي الذي قد لا يتراءى أمام بصيرتنا، ولكننا ندركه بحواسنا التي اعتادت على التجارب، وامتلكت الخبرة.

في أول مشاهد الحياة تعلمت فن الصمت حين جربت الثرثرة ووقعت بين أنياب الكلام، وافترسني الحديث الذي كان بمحض الصدفة، ودون قصد، فأهلكتني العواقب، ومنذ ذلك الوقت تعلمت أن الصمت أحيانًا حكمة، وحكمته بالغه.

وتوالت المشاهد، ولكني أذكر تمامًا كيف علمتني أن الطيبة المفرطة وبدون حدود "لا تسمن ولا تغني من جوع"، فهناك من يتصيد الأخطاء من خلال تلك الطيبة، وآخرون يستغلونها حسب أهوائهم ورغباتهم.

وفي أحد المشاهد علمتني الحياة أنها تدور وفي دورانها حكمة عظيمة، فكل ما تقدمه اليوم ستجنيه في الغد إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وعلى نياتكم ترزقون.

كما أنني تعلمت كثيرًا في مشاهد الحياة، التي أخذتني في منعطفاتها المختلفة، وأيقنت فيها أن السعادة قد تمر دون عودة، فمن الجدير أن نستمتع بكل لحظة فرح، وبكل يوم يمر سعيدًا، وألا نتهاون في استغلال ساعاته وثوانيه، فالسعادة تعرف جيدًا من يستشعرها، ممن لا يقدرها، فإذا غابت لن تعود مرة أخرى بذات الرونق، وبنفس البهاء، كما أن لحظات الحزن قد تنهال في غياب السعادة، فللسعادة كبرياء إن لم تقدرها رحلت دون اكتراث.

مشاهد الحياة تعلمنا كل يوم درسًا جديدًا وأهمها أن الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة ليست الولادة، والبداية، إنما تكمن في النهاية، ولكل شيء في هذا الكون نهاية، وحتى يسدل ستار تلك النهاية من الضروري أن نجيد فن صناعة النهايات، وحتى يكون ختامها مسك لتكن النهايات ذات بصمة، نعيش فيها كأننا سنعيش أبدًا، ونستعد للنهاية كأننا سنموت غدًا.

وأخيرًا الحياة لا تصفو لأحد، فأحوالها متقلبة، فهي كالغيث الذي يحبه الناس؛ لما يُنبته في الأرض من زرع، فينمو من خلاله ذلك الزرع حتى يصفر ويذبل مع مرور الوقت، فتأخذه الرياح كيفما سارت، وكما قال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}.

أضف تعليقك...

 
  • 2345 زيارات اليوم

  • 48146378 إجمالي المشاهدات

  • 3006801 إجمالي الزوار