• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الثلاثاء 2023-03-28

التوازن ناموس كوني

مقال: عزة الشريف

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 349
  • التعليقات 0
  • Twitter
التوازن ناموس كوني
  1. icon

    مكتب الصحيفة

  2. icon

    جميع مقالات الكاتب

  3. icon

    اجتماعي

إن التوازن سنة إلهية ومنهج رباني، فهو مبدأ ثابت نلمسه في جميع ما خلق الله من الأشياء في هذا الكون، وكل شيء فيه منظمٌ ومتسق فلا اضطراب وعشوائية ولا اختلال وفوضوية.

فبهذا التقدير والتوازن خُلق الإنسان حسن الصورة، متناسب الجسم، سوي الأعضاء، فإذا اختل عضو اختل توازنه وذهب حسنه (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وبتقدير وتوازن جعل الكواكب تسير في نَسقٍ متناغم فالشمس والقمر لا تحيد عن مسارها، وجعل الليل والنهار متعاقبين.

وحفاظًا على التوازن والاعتدال أمر الله بإقامة الوزن بالقسط، وإبقاء الكيل ‏وتحقيق العدل والإنصاف لتستقيم الحياة ولتتوازن كفتا الميزان؛ لذلك جعل الله الإسلام وهو الدين الذي ارتضى الله لعباده وسطًا متوازنًا (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وجعل كل تشريعاته وأحكامه وتعاليمه منظمة متوازنة، فهو الخط الفاصل بين الإفراط والتفريط ويشمل كل جانب من جوانب الحياة حتى لا يطغى جانب على آخر.

 فنجد التوازن بين الحقوق والواجبات وبين الروح والبدن، وبين العمل للدنيا والعمل للآخرة، وبين العلم والعمل، وبين مصالحنا ومصالح الآخرين، كما أنه مطلب في المال وفي تقييم الأشخاص حتى وصل إلى المشاعر فلا حب ‏مفرط ولا كرهٌ مهلك بل وسط بينهما.

فالتوازن يضبط للإنسان فضائله حتى لا تهوي بهِ إلى وادٍ سحيق لا يجني منها إلا الملامة والحسرة، فالتسامح فضيلة لكن لا يصل إلى السذاجة، والعطاء جميل لكن لا يصل إلى الاستغلال، والحذر واجب ولكن لا يصل إلى الجُبن والخوف.

فهذه الشريعة وازنت بين الدين والدنيا موازنة عجيبة وعميقة، ولعل رسولنا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وازن بين الدين والدنيا، وبين الروح والمادة، موازنة تتآلف سُموًا وروعةً وجلالًا وكمالًا، حتى ‏لا يطغى جانب على آخر حين قال في دعائه (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ).

فالتوازن بين حب الحياة والتفكر في الآخرة منهج رباني يقول الله تعالى (وٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلْءَاخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ) فهذه الآية مفتاح التوازن في كل شيء والاعتدال في كل الأمور، لا إفراط ولا تفريط، لا قسوة على النفس ولا تدليل لحد الفساد، فالجسد له نصيب والروح كذلك.

‏لذا نجد أن في زماننا هذا صارت اليقظة الفكرية نحو ما نفقده من توازن أكثر إلحاحًا بسبب تغير وتجدد مجريات الحياة وإذا لم ننتبه لذلك فإننا سوف ننتقل إلى موقع متطرف يؤدي بنا إلى التقصير في كثير من الجوانب وهذا فيه إخلال للسنن الإلهية والقواعد الربانية القائمة على الاعتدال والتوازن.

أضف تعليقك...

 
  • 5711 زيارات اليوم

  • 47905028 إجمالي المشاهدات

  • 3002989 إجمالي الزوار