• icon لوحة التحكم
  • icon

icon السبت 2022-10-22

المساجد ودورها في تربية النَّشء تعليمهم

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 362
  • التعليقات 2
  • Twitter
المساجد ودورها في تربية النَّشء تعليمهم
  1. icon

    بقلم / د. سليمان بن أحمد قندو

  2. icon

    جميع مقالات الكاتب

  3. icon

    علمي

الحمد لله الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسَّلام على رسول الهدى الذي أمره الله بالعلم قبل العمل في قوله -جلّ ثناؤه- : (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ))  [محمد: 19]، وعلى آله وأصحابه ومَنْ بأثره اقتفى والتزم.

وبعد: فإنَّ الاشتغال بطلب العلم والتفقّه في الدّين من أجلّ المقاصد وأعظم الغايات وأولى المهمّات؛ لذلك ندب إليه الشَّارع الحكيم في كثير من نصوص كتابه، وأمَرَ نبيّه صلى الله عليه وسلم بالزيادة منه؛ فقال تعالى: (( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا )) [طه: 114].

وقد رتّب النبي صلى الله عليه وسلم الخير كلَّه على التفقّه في الدّين فقال صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين)) متّفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: ((النَّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)) متّفق عليه. وهذا مما يدلّ على أهميته وعظم شأنه. 

ومن الوسائط التعليمية والتربوية العتيقة والمتجددة في كل عصر من العصور المساجد والجوامع، والمسجد في الإسلام منذ عهد النّبي صلى الله عليه وسلم ليس مكاناً لإقامة الصلاة فحسب؛ بل كان له وظائف وأدوار كثيرة؛ فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعقد فيه الاجتماعات، ويستقبل فيه الوفود، ويقيم فيه حلق الذّكر والعلم، وكان منطلق الدّعوة إلى الله تبارك وتعالى وإرسال البعوث والسرايا ، ويبرم فيه كل أمر ويعقد فيه كل ذي بال في السلم والحرب، وأول عمل بدأه النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة مهاجراً إليها أن شرع في بناء المسجد وعمارته.

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «كانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة، وقد أسس صلى الله عليه وسلم مسجده المبارك على التقوى، فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم».

ويعد تعليم العلوم الشرعية في المساجد من أهم المجالات وأعظمها فائدة، وقد أثبتت التجارب عبر تاريخ الإسلام الطويل أن الدروس العلمية الشرعية هي الطريقة التربوية الأسلم في نشر الدين وتعليم الناس، وتفقيههم في الدّين، وكانت أعظم وسائل العلم والتعليم والتربية عند السّلف الصالح-رحمهم الله- وامتدت هذه الوظيفة للمسجد عبر تاريخ الإسلام، فعُمرت المساجد في الأمصار والقرى بحِلَق العلم ومجالسه المتنوعة.

وقد بوَّب الخطيب في «الفقيه والمتفقه» باب: «فضل تدريس الفقه في المساجـد»، وأورد بإسنـاده عن أبي الأحـوص، قال: «أدركنا الناس وما مجالسهم إلا المساجد» ويرتبط تاريخ المسلمين ارتباطاً وثيقاً بالمسجد، ولهذا فالحديث عنه حديث عن المكان الرئيس لنشر العلوم الشرعية.

وقد أقيمت الحلقات العلمية في المساجد منذ نشأتها واستمرت كذلك على مرَّ السنين والقرون، وفي مختلف البلاد الإسلامية دون انقطاع، ولعل السبب في جَعْل المسجد مركزاً لنشر العلم أنَّ التعليم في بداية الإسلام يعنى بالعلوم الشرعية التي تشرح تعاليم الدين الحنيف، وتوضح أسسه وأحكامه وأهدافه التي تتصل بالمسجد أوثق اتصال، بل إن المسلمين في عصورهم الأولى وسّعوا مهمة المسجد، فاتخذوه مكاناً للعبادة، ومعهداً للتعليم، وداراً للقضاء، وساحة تُجمع فيها الجيوش، ومنزلاً لاستقبال الرسل والسفراء. 

يقول الإمام القرطبي -رحمه الله- في تفـسير قــوله تعالى: (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )) [الجن: 18]. ((مع أن المساجد لله لا يذكر فيها إلا الله فإنه تجوز القسمة فيها للأموال، ويجوز وضع الصدقات فيها على رسم الاشتراك بين المساكين، وكل من جاء أكل، ويجوز حبس الغريم فيها، وربط الأسير والنوم، وسكنى المريض فيها، وفتح الباب للجار إليها، وإنشاد الشّعر فيها إذا عري عن الباطل..)) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، (19/22). وكان أول مسجد أُنشئ في الإسلام مسجد قباء، ويقال: إن فيه نزلت الآية الكريمة (( لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) [الجن: 108]. ويُعد المسجد من أهم وسائط التربية والتعليم في الإسلام اكتسب أهميته ومكانته في نفوس المسلمين من الدور الذي يقوم به، إذ تؤدى فيه العبادات، وينشر العلم فيه، ويوجه المسلمون فيه من خلال توعيتهم وإرشادهم وبخاصة في المدة التي سبقت نشأة المدارس وانتشارها في العالم الإسلامي، وقد أسس النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة مسجده ، وكان يجلس مع أصحابه – رضوان الله عليهم – يفقههم في الدين، ويقرئهم القرآن الكريم، لينالوا بذلك خيريّ الدنيا والآخرة. 

ويعدُّ المسجد النبوي أول مكان اتخذ لنشر العلم ولتعليم المسلمين قراءة القرآن وأصول الكتابة، وتعاليم الدّين الإسلاميّ وشرائعه، وقد كانت المساجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضوان الله عليهم مراكز تهذيبية ومعاهد تعليمية وتأديبية كان لها الأثر الكبير في نشر الوعي الدِّيني الصّحيح، وبث روح المعرفة في نفوس المسلمين.  

وبعد ذلك انتشر بناء المساجد في العالم الإسلامي وتعددت حلقاتها ومهامّها حيث أعدت لاستقبال طلاب العلم، وتعليمهم دون مقابل غنيهم وفقيرهم صغيرهم وكبيرهم عربيهم وأعجميهم على حد سواء، ويتولى القيام ببناء تلك المساجد والجوامع الحكومات أو الأخيار من رجال العلم وذوي الفضل والمكانة، وكذا الأثرياء في المجتمع، ويبقى المسجد نبراساً يضيء للناس طريق حياتهم ومَورداً ثَرّاً يُنْهل منه العلم والمعرفة .

ومما يدل على أن المساجد كانت من الوسائط التَّأديبية للخلفاء وأبنائهم يتلقون فيها مختلف العلوم الشرعية، ما رُوي أن الخليفة أبا جعفر المنصور كان ممن درس القرآن الكريم وتعلم الفقه وسمع الحديث في مساجد الكوفة بالعراق، كما أنه حضر مجلس أبي عمرو بن العلاء والخليل ابن أحمد الفراهيديّ البصريّ ... وغيرهما لأخذ علوم العربية والأدب ورواية الشّعر . [محمد عيسى الصالحية: مؤدبو الخلفاء في عصر العباسي الأول، (ص 166)]  وفي هذا دلالة على مدى اهتمامهم بالمساجد والجوامع وتلقي العلوم والمعارف فيها وأنها من الوسائط التأديبية في عهدهم. 

ويُسْتَخْلَص مما سبق أن المساجد تعد من المؤسسات التَّعليميّة والملتقيات التّربوية النّافعة؛ إذ اتخذ في العهد النبوي والخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم من الصحابة رضوان الله عليهم  مركزاً لنشر العلم والفقه والحديث وعلومه ومصادر التشريع وأحكامه بين أبناء المسلمين، وقد ظهرت العلوم والمعارف المختلفة في رحاب المساجد قبل أن تظهر المدارس والجامعات الحديثة والأكاديميات التعليمية ... وغيرها كرافد من روافد التربية والتعليم إلى الوجود  إلاّ في القرون التالية من تاريخ التّربية الإسلامية، وعن المساجد والجوامع تفـرعت بقـية مـعاهد الـتربية والتعـليم كـدور الحـكمة والمكتبات وحوانيت الوارقين والجامعات والمدارس في العصور المتأخرة [حسين أمين، المدرسة المستنصرية، (ص14)، وسعد مرسي وآخرون: تاريخ التربية والتعليم، (ص153)،]

نسْألُ الله أن يَهْدِيَنا لأحسنِ الأقوالِ والأعْمَالِ والأخْلاقِ لايَهْدِي لأحْسَنِهَا إلاَّ هُو وأنْ يَصْرِف عنّا سَيئها لا يَصْرفُ عَنّا سَيئها إلاَّ هو، هذا جهدُ المقلّ، فإن كنت قد وُفِّقتُ للصّواب فذاك فضلٌ من الله ، وإن كنت قد جانبته فمن نفسي والشّيطان واستغفر الله وأتوب إليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

جزاك الله خير الجزاء وجعله في ميزان الحسنات

يوسف ساليفو عثمان 2022-10-23 المشاهدات 2

بارك الله في جهودكم وزادكم علما ونفع بكموجعلك مباركا أين ما كنت

ابو عبدالملك 2022-10-23 المشاهدات 1

أضف تعليقك...

 
  • 5788 زيارات اليوم

  • 47905105 إجمالي المشاهدات

  • 3002989 إجمالي الزوار