الثلاثاء 2025-04-08
الآية (03) سورة النّور، اللقاء (03)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
المراد بالزاني: من كان وصف الزنى عادته، والزانية: من كان وصف الزنا طبعها، والآية: تقتضي ذم الزناة وتشنيع الزنى، وأنه لا يقع فيه إلا زان أو مشرك ولا يوافقه عليه من النساء إلا زانية أو مشركة، والنكاح يعني الزواج بعقد، لأنه ورد كثيرًا في القرآن بهذا المعنى، والمؤمن الصالح لا يتزوج الزانية، لأنه بممارسة الزنى يتكون سلوك يناسب أحوال الزناة من الرجال والنساء فلا يرغب في معاشرة الزانية إلا من تروق له أخلاق أمثالها، ولذلك جاءت الآية مستأنفة بعد بيان عقوبة الزنى لإفادة حكمه وما يقتضيه من تشنيع فعله، وابتدئ في هذه الآية بذكر الزاني قبل الزانية على عكس ما تقدم في قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، لأن الزوج هو الذي يتقدم لخطبة المرأة، وبيده عقدة النكاح بعد العقد، وله قطعه وفسخه أو إمساكه، والآية تحكي بأسلوب بديع ما تقتضيه طبيعة الناس في التآلف والتزاوج، وتبين أن المماثلة في الطباع والأخلاق هي مناط الاتفاق والانسجام، وكقول المثل: "ضع البيض الفاسد في سلة واحدة".
{وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} للتنزيه، وعبر عنه بلفظ "حُرِّمَ" للتغليظ والتنفير من الإقدام على زواج المؤمن من الزانية، أو المؤمنة من الزاني، والمعنى يحتمل وجهان: يعني تحريم الزنا، أو تحريم ذلك النكاح على المؤمنين الأطهار، الذين ينزهون أنفسهم عن الوقوع في السوء والفحشاء -أما عن صحة العقد وأحكام زواج الزناة، فللعلماء والفقهاء أقوال في ذلك، لمن أراد الرجوع إليها-.
فائدة:
هذه حكمة منقولة عن الإمام الشافعيّ رضي الله عنه:
عُفّوا تَعُفُّ نِساؤُكُم في المَحرَمِ ** وَتَجَنَّبوا ما لا يَليقُ بِمُسلِمِ
إِنَّ الزِنـا دَيـنٌ فَـإِن أَقـرَضتَـهُ ** كانَ الوَفا مِن أَهلِ بَيتِكَ فَاِعلَمِ
يا هاتِكًا حُرَمَ الرِجالِ وَقاطِـعًا ** سُبُلَ المَوَدَّةِ عِشتَ غَيرَ مُكَرَّمِ
لَو كُنتَ حُرًّا مِن سُلالَةِ ماجِدٍ ** مـا كُنتَ هَتّـاكًا لِحُرمَـةِ مُسلِمِ
مَن يَزنِ يُزنَ بِهِ وَلَو بِجِدارِهِ ** إِن كُنتَ يـا هَـذا لَبيبًـا فَـاِفهَمِ
أضف تعليقك...