السبت 2025-04-12
الآيات 14 - 18 سورة النّور، اللقاء (07)
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي!

-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
وَلَولَا فَضلُ ٱللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنيَا وَٱلأٓخِرَةِ لَمَسَّكُم فِي مَآ أَفَضتُم فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذ تَلَقَّونَهُۥ بِأَلسِنَتِكُم وَتَقُولُونَ بِأَفوَاهِكُم مَّا لَيسَ لَكُم بِهِۦ عِلمٞ وَتَحسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيم (15) وَلَولَآ إِذ سَمِعتُمُوهُ قُلتُم مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبحَٰنَكَ هَٰذَا بُهتَٰنٌ عَظِيم (16) يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثلِهِۦٓ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)
أوشك أن ينزل بالمسلمين العذاب العظيم، غضباً من الله عز وجل وانتقاماً ممن خاضوا بألسنتهم وقالوا بأفواههم ما ليس لهم به علم، وذلك بالقذف في عرض امرأة محصنة غافلة مؤمنة، (وَتَحسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ)، ظناً منهم أن ذلك الخوض في أعراض المؤمنين أمر هين، في حين أنه عند الله أمر عظيم، فسبحان من حرم دم المسلم وماله وعرضه، (قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ في حَجَّةِ الوَداعِ: ألا، أيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألا شَهْرُنا هذا، قالَ: ألا، أيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألا بَلَدُنا هذا، قالَ: ألا، أيُّ يَومٍ تَعْلَمُونَهُ أعْظَمُ حُرْمَةً؟ قالوا: ألا يَوْمُنا هذا، قالَ: فإنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى قدْ حَرَّمَ علَيْكُم دِماءَكُمْ وأَمْوالَكُمْ وأَعْراضَكُمْ إلّا بحَقِّها، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، ألا هلْ بَلَّغْتُ؟ ثَلاثًا، كُلُّ ذلكَ يُجِيبُونَهُ: ألا نَعَمْ. قالَ: ويْحَكُمْ! -أوْ: ويْلَكُمْ!- لا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ)، ثم يرشدنا ربّنا إلى أنه عندما نسمع القذف في عرض امرئ مؤمن نقول: (مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبحَٰنَكَ هَٰذَا بُهۡتَٰنٌ عَظِيم)، ويحذر عباده من أن يعودوا لمثله أبداً، ويبين لكم الآيات التي تنجيكم من الإثم والعذاب العظيم.
فائدة:- معنى (تَلَقَّونَهُ): أي يأخذ بعضكم من بعض، وفي هذا الكلام وفي الذي قبله وبعده عتاب لهم على خوضهم في حديث الإفك، وإن كانوا لم يصدقوه، فإن الواجب كان الإغضاء عن ذكره والترك له بالكلية، فعاتبهم سبحانه على ثلاثة أمور ، وهي: تلقيه بالألسنة: أي السؤال عنه وأخذه من المسؤول، والثاني: قولهم ذلك، والثالث: أنهم حسبوه هيناً وهو عند الله عظيم، وفائدة قوله: (بِأَلسِنَتِكُمْ) و(بِأَفوَاهِكُم)، الإشارة إلى أن ذلك الحديث كان باللسان دون القلب، إذ لم يكونوا يعلمون حقيقته بقلوبهم. كما أن الذين يقصدون القذف في الأعراض، ويتزعمون هذا الفعل، ويتولون كبره، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فأولئك ملعونون في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم، (إِنَّ الَّذِينَ يَرمُونَ المُحصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُم عَذَابٌ عَظِيمٌ)!
أضف تعليقك...