|
|||||||
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي!
وَٱتلُ عَلَيهِم نَبَأَ إِبرَهِيمَ (69) إِذ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَومِهِ مَا تَعبُدُونَ (70) قَالُواْ نَعبُدُ أَصنَامٗا فَنَظَلُّ لَهَا عَكِفِينَ (71) قَالَ هَل يَسمَعُونَكُم إِذ تَدعُونَ (72) أَو يَنفَعُونَكُم أَو يَضُرُّونَ (73) قَالُواْ بَل وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا كَذَلِكَ يَفعَلُونَ (74) افتتحت السورة بالإشفاق على رسول الله - لكونه يكاد يزهق نفسه لهداية المكذبين المعاندين، حرصًا على أن يكونوا مؤمنين، لينجيهم من العذاب الأليم، (لَعَلَّكَ بَخع نَّفسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤمِنِينَ)، ثم أخذت الآيات تسوق لنا قصص بعض الأمم السابقة الذين كذبوا بآيات الله - فأهلكهم بكفرهم وذنوبهم، وبدأت بقصة موسى وهارون مع فرعون وقومه، ثم تلتها هذه الآيات بذكر قصة الخليل إبراهيم، ثم تأتي بعدها قصة قوم نوح، ثم قصة عاد قوم هود، ثم قصة ثمود قوم صالح، ثم قصة لوط، وأخيرًا قصة أصحاب الأيكة مع رسولهم شعيب، وقد تكررت قصصهم في مواضع متعددة من القرآن، وفي كل موضع تتناول الآيات جانبًا يتناسب مع سياق الموضوع، كما أن المذكورة في القرآن هي قصص الأنبياء والرسل الذين كانوا في المنطقة العربية، حيث إن الله تعالى- أرسل إلى عباده جما غفيرًا من الأنبياء، أي كثيرين، وجاء في الأثر : أن عددهم مائة وأربعة وعشرون ألفا، منهم ثلاثمائة وخمسة عشر رسولًا، - وأنَّ الكُتبَ المنزَّلَةَ مائةٌ وأربعةُ كُتُبٍ - وقد ورد في القرآن، ذكر أسماء خمسة وعشرين منهم فقط، وهم: آدم، وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، ويونس، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، واليسع، وذو الكفل، وداود، وزكريا، وسليمان، وإلياس، ويحيى، وعيسى، ونبيّنا محمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ)، وليس في عدد الأنبياء والرسل خبر يعتمد عليه، فلا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ، لكنهم جم غفير ، قص الله علينا أخبار بعضهم ولم يقص علينا أخبار البعض الآخر ، لحكمته البالغة جل وعلا - والأحاديث في هذا الباب لا تخلو من ضعف على كثرتها، والواجب على المسلم الإيمان بمن سمَّى الله ورسوله منهم بالتفصيل ، والإيمان بالبقية إجمالاً ؛ فقد ذم الله اليهود على التفريق بينهم بقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ)، فنحن نؤمن بكل نبي وكل رسول أرسله الله- في زمن من الأزمان، ولكن شريعته لأهل زمانه وكتابه لأمته وقومه، وأما عدد الكتب : فقد ذكر الله تعالى - القرآن، التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى، فنؤمن بذلك، ونؤمن بأن لله عز وجل - كتبًا كثيرة، لا نحيط بها علمًا، ويكفي أن نصدق بها إجمالًا ! |