|
|||||||
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) وهنا مشهد آخر من مشاهد قصة سليمان - مع ملكة سبأ، تنقله لنا الآيات من مجلسه عليه السلام - فعندما جاءته الهدايا والأموال التي أرسلتها له بلقيس، وما كان مراده إلا أن يسلموا لله ربّ العالمين، لذلك طلب من مرسولهم الرجوع بالهدايا وتوعدهم بالحرب، فتوجهت لاسترضائه، وعندما علم بقدومها طلب من حاشيته أن يحضروا له عرشها، قبل أن يأتوه مسلمين"أي منقادين" فقال عفريت من الجن إنه سيحضره قبل أن ينصرف من مجلسه، أما الذي عنده علم من الكتاب، فقد أحضره في طرفة عين - وهذا يدل على أن قوة العلم أفضل من قوة الجسد، وعلم الكتاب يؤتيه الله من يشاء - فما كان من سليمان إلا أن فطن بأن هذا امتحان له من الله تعالى - لأن المؤمن يمتحن بالخير أو بالشر، قال عليه الصلاة والسلام: "عَجِبْتُ لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابَهُ ما يحبُّ حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابَهُ ما يَكْرَهُ فصبرَ كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلّا المؤمنُ". كما استحسن بعض الفضلاء استحضار عظمة الله عز وجل- عند حصول النعم، والدعاء بهذه الآية من قوله تعالى: (هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).
|