الآية (19) سورة النمل، اللقاء (08)


الأربعاء 2024-12-04

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.

عندما سمع سليمان عليه السلام كلام النملة، ونصيحتها لقومها، واعتذارها له ولجنوده من أنهم لا يقصدون إيذاءهم، واستحضر نعمة الله بأن جعل له السلطان وعلمه منطقها، وأسمعه قولها، وبما أنه كما وصفه سبحانه {نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ}، فلقد تبسم ضاحكًا، مغتبطًا معجبًا بقولها، متعجبًا من عظيم صنع الله بأن جعل هذه الدابة الصغيرة في حجمها، وهي خلق من خلقه، كبيرة في تقديرها، ناصحة في قولها، فهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هداه لما يصلح أمره، ويحفظ حياته، {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ}، واستحضر نعمة ربّه، وعظمة خلقه وتدبيره، وجلال قدرته، وشعر بضعفه وعجزه عن شكره تبارك وتعالى على النعم العظيمة، والآلاء الجسيمة، فما كان منه عليه السلام، إلا أن توجه إلى الله عز وجل بهذا الدعاء العظيم، المأثور المذكور بهذه الآية الكريمة، والذي يتضمن عدة أمور، منها: إبداء ضعفه وعجزه أمام عظمة الله، والطلب منه أن يعينه على شكر النعم التي أنعم بها عليه وعلى والديه، فنعمة الوالدين الصالحين من أعظم النعم على العبد، إذ يربيانه على الإيمان والتقوى، كما سأل ربّه أن يوفقه للعمل الصالح الذي يرضى به عنه، وأن يدخله في عباده الصالحين، برحمته وليس بعمله، لأنه يعلم أنه مهما عمل فلن يكافئ نعمه، وشكره عليها. وقد استحسن بعض الفضلاء: الدعاء بهذه الآية الكريمة، تيمنًا.