الآية (06) سورة النمل، اللقاء (03)


الأربعاء 2024-11-27

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}.

بعد التنويه بالقرآن انتقلت الآيات إلى التنويه بالذي أُنزل عليه القرآن، رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، والتعظيم لمن لقاه القرآن، وهو {حَكِيمٍ عَلِيمٍ}، تمهيدًا لما سيأتي بعد ذلك من الآيات التي تحكي صورة من صور تلقي الوحي من ربّ العالمين، والحوار الشيق الجميل الذي حصل عندما كلّم الله تعالى رسوله موسى عليه الصلاة والسلام، وألقى إليه ما ألقى، كما في الآيات التي تلي هذه الآية، وقوله: {لَتُلَقَّى}، من التلقي أي الأخذ عن الغير، وهو جبريل -عليه السلام- من لدن ربك الذى يفعل ويدبر كل شيء بحكمة وعلم شامل لكل شيء، وصدرت هذه الآية الكريمة بحرفي التأكيد -(إن) في إنك، و(لام القسم) في لتلقى- للدلالة على كمال العناية بمضمونه، فالقرآن الكريم: شأنه عظيم، وليس بالأمر أو الشيء العادي في حياة المؤمن، لأنه حبل الله المتين الواصل بين العبد وربّه عز وجل، فعندما تتطهر وتتناول مصحفك وتجلس وتتهيأ لتلقي كلام الله، أو عندما تصف قدميك وتقف على رجليك وتضع يدك على صدرك وتنصب وجهك في خشوع وخضوع وتتهيأ لتلقي آيات الله تعالى، إن كنت تتلوها أو كانت تُتلى عليك، سواءً كنت قائمًا أو قاعدًا، وفي سيارتك أو مكتبك وأنت تنصت في خشوع وتأمل لكلمات الله تُلقى عليك، ففي كل تلك الأحوال وبأي وقت من آناء الليل وأطراف النهار، عليك أن تستحضر عظمة من يُلقي على قلبك تلك الآيات التي تسمعها أو تتلوها، {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍوالحكيم: القوي الحكمة، والعليم: الواسع العلم، والقرآن دليل على حكمة وعلم من أوحى به، وأن ما يذكر في القرآن من القصص وما يستخلص منها من المغازي والعبر، والأمثال والمواعظ، هي من آثار حكمته البالغة، وعلمه التام، سبحانه وتعالى.