|
|||||||
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
محور تأمّلنا: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. شملت رحمة الله بعباده -سبحانه وتعالى- أن جعل كلا من الليل والنهار، {لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فالسكن معلوم أنه في الليل، ولكن قد يكون في النهار أيضًا وهو مباح، وابتغاء فضل الله معلوم أنه في النهار، ولكن قد يكون في الليل، وهو مباح أيضًا، وشكر الله تعالى مطلوب آناء الليل وأطراف النهار كذلك، كما أن السكن، وابتغاء فضل الله والشكر، مطلوب أداؤهم ماديًا أو معنويًا، فالمادي ما هو متعلق بالنشاط الجسمي، والمعنوي ما هو متعلق بالنشاط الروحي، فالأجسام والأرواح في حاجة دائمة للطاقة والغذاء والدواء، فالأجسام تعمل وتسكن وتشكر ربّها بأداء ما عليها من واجبات وسنن شرعية في مرضاة الله، والأرواح كذلك في حاجة للسكن، وابتغاء فضل ربّها وشكره، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يقوم من الليل حين تسكن الأجسام، حتى تفطرت قدماه، وهو دأب عباد الرحمن، {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}، وفي النهار يسعون في الأرض، لا وقت لديهم للعبث واللعب، ولا يشهدون الزور، وإذا مروا باللغو مروا كرامًا، أقوالهم في النهار وفي الليل عبادة وشكر لله -وأعمالهم عبادة- إذا استيقظوا فهم في عبادة، وإذا ناموا فهم في عبادة، وإذا أعطوا أو أخذوا فهم في عبادة وشكر، وإذا تزوجوا كانوا في عبادة وشكر لله، وإذا ضربوا في الأرض فهم في عبادة وشكر، وعلى كل أحوالهم، وفي كل أمورهم، في الليل والنهار، هم في عبادة وذكر وشكر لربّهم سبحانه وتعالى. |