عقدة النقص وعلاقتها بالسلوك العدواني وانعدام الثقة


الأربعاء 2020-08-19

لماذا نشعر دوماً بأننا لسنا جيدين بما يكفي ونلقي اللوم على أنفسنا في حال لم نحقق ما نرغب في تحقيقه متجاهلين ما يحول بيننا وبين تحقيق ما نريد لا أقول بأنه يجب علينا أن نستسلم لكن في بعض الأحيان قد يكفي شرف المحاولة فأحلامنا قد لا تتوائم مع مجتمعنا الذي نعيشه أو مع ما يحلم به أبوينا لنا وماذا في ذلك لا يجب أن نكتئب بل يجب علينا أن نقدر ذاتنا على كل جهد تقوم به فلا يوجد أحد يعلم بما قاسينا في هذه الحياة، قد يكون ذلك أيضاً خطأ الأهل فالوالدين بطبيعتهم يحلمون بالأفضل لأبنائهم ويضغطون عليهم لتحقيقه بما يفوق قدراتهم سواء الفكرية أو الجسدية وعندما يفشلون في تحقيق ذلك يسمعون منهم كلمات محبطة تجعلهم يشعرون دوماً بأن جميع ما يقومون به غير كافي.

يبدأ ذلك الشعور منذ الصغر فعندما نعجز عن القيام بمتطلباتنا الأساسية بأنفسنا كالطعام والشراب وغيرها ونعتمد على والدينا للقيام بذلك نشعر بالنقص والضعف سواء النفسي أو الجسدي ويتضاعف ذلك الشعور عندما يلفت طفل آخر أعجاب والدينا نقوم حينها بكل ما يتطلبه الأمر لنثبت لهم بأننا لسنا أقل منهم، وعند الكبر قد نفعل المثل وهو المحاولة بشتى الطرق حتى لا نخيب ظنهم بنا وأيضاً حتى لا نخيب ظن أنفسنا متناسيين تماماً الأثر السلبي الذي قد ينتج في حال لم نستطع تحقيق ذلك الأمر الذي قد يصل بنا إلى اليأس والاكتئاب وعدم الرغبة في رؤية الأخرين. 

ومن هذا الجانب وضحت المدربة الأسرية والتربوية والاجتماعية منى المعلمي بأنه يمكن تقسيمه إلى نوعين نوع أولي يبدأ من مرحلة الطفولة وينتهي عند البلوغ، ونوع آخر وهو الثانوي ما بعد البلوغ وقد يستمر إلى مالا نهاية لعدة عوامل منها إحساس الشخص بأنه غير فاعل في المجتمع أو تدني في التحصيل الدراسي ونيل الدرجات أو بسبب الأسلوب الخاطئ في التربية والتمييز بسبب العرق أو اللون أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والمشاكل الجسدية سواء إعاقة أو مشكلة جسدية منذ الولادة.  

لذلك لا بد لنا من معرفة بأن هنالك أشخاص لديهم قدرة أفضل منا وهذا لا يعني أن ننظر إليهم بأنهم الأفضل ونحن لا شيء بل يجب علينا أن نحقق ذاتنا بما لدينا من إمكانيات ونسعى لتحقيق ما يجعلنا نشعر بالسعادة وما نرغب به نحن ولا ننسى بأن الناس خلقوا مختلفين يمتلك كل منهم قدرة تختلف عن الآخر وجميعهم لديه ما يميزه، عليه فقط أن يركز على إظهار أحسن ما لديه

وفي السياق نفسه أشار الاستشاري النفسي والتربوي فراس الحربي إلى ضرورة تعزيز الثقة بالنفس والتفاؤل وحسن الظن بالله والعمل على تطوير ما يمتلكه من مهارات والاعتزاز بالصفات التي وهبه الله إياها سواء الخَلقية أو الخُلقية والابتعاد عن السلبية التي يتلقاها من المجتمع السلبي حوله من خلال عدم الاهتمام بالكلام السلبي المتداول من أطراف المجتمع إضافةً إلى عدم السماح للآخرين بالانتقاص منه أو الـتأثير عليه بشكل سلبي.

وللأسرة دور هام في تعزيز ثقة الطفل بنفسه أو في أتجاه آخر قد يكونوا سبب من أسباب الاعتلال النفسي أو الشخصي فهم كما ذكر الاستشاري النفسي فراس الحربي إما داعمين ومشجعين ومحفزين أو محبطين متنمرين وسبب لحدوث اعتلال نفسي لأطفالهم.

وتعد الأسرة من أحد الأسباب الرئيسية المتسببة في عقدة النقص أو الدونية وهناك أسباب أخرى ذكرتها لنا الاخصائية النفسية ورئيسة قسم التدريب لدى معهد أطوار فاطمة المحلاوي ومنها التاريخ المسبق لمرض الاكتئاب لدى الأقارب من الدرجة الأولى، تدني المستوى الاجتماعي، المشاكل الجسدية.

وهذا الشعور بالنقص يضم آثار جانبية ويمكن تصنيفها حالة خطيرة لعدة أسباب ذكرتها لنا المدربة منى المعلمي منها، التحول إلى مرض الاكتئاب، يشكل عائق مدى الحياة، الإحساس المستمر بعدم الراحة، الحساسية الزائدة تجاه المواقف الاجتماعية، عدم القدرة على تكوين صداقات.

ونوهت المحلاوي بأنه في حالة تطور هذا الشعور قد يصل به الأمر إلى الانتحار أو قد يلجأ الى العنف والانتقام من الأشخاص المتسببين بحدوث هذه العقدة ويصل إلى هذه المرحلة عادةً بعد سن الثلاثين.

ويكون العلاج بدايةً من مرحلة الطفولة الناجمة عن عدم الثقة بالنفس بتحسين أسلوب التربية والتحول من الانتقاد والسلبية إلى التحفيز والتشجيع المستمر، وفي سن المراهقة يتم التركيز على الشخصية ذاتها ومساعدتها في التكيف مع البيئة ورفع الثقة بالنفس، أما في حال الوصول الى المرحلة الحرجة الاضطرابات النفسية أو الشيزوفرينيا يتم علاجها بالمتابعة المستمرة مدى الحياة.

وتتمثل معظم الحالات في الأطفال حيث يتم تطبيق العلاج من خلال رفع ثقة الطفل بنفسه ورفع الوعي للأسري وتدريبهم على كيفية التعامل معهم على عكس الحالات من فئة المراهقين فلم يتم التعامل معهم مسبقاً بشكل شخصي.  

ولذلك علينا التفكير ملياً في أسلوب التربية والحرص كل الحرص على المتابعة المستمرة منذ الصغر حتى لا يتفاقم الأمر عند الكبر ويجدر بنا الا نكون سبب تكوين عقدة في شخصية أبنائنا قد تستمر مدى الحياة ونحرص دوماً على  تشجيعهم وزرع حب الذات وعدم الاهتمام لرأي الأخرين لديهم فالتنشئة الجيدة والكلمات الإيجابية من شأنها أن تبني أشخاص جيدين واثقين بأنفسهم على عكس الانتقاد المستمر واللاذع الذي يجعلهم يكرهون النظر إلى المرآة لرؤية أنفسهم ويزرع داخلهم الرغبة المستميتة في إيذاء أنفسهم أو إيذاء غيرهم فنحن لا نريد أن نتسبب في إيذاء من نحب.