الاكتئاب مرض يدفع للانتحار


السبت 2020-06-20

قال تعالى (لقد خلقنا الانسان في كبد) توجد العديد من الصعوبات والتحديات التي يواجهها الانسان في حياته والتي تؤثر سلباً على صحته أو نفسيته لذلك يجب عليه أن يمتلك الثبات والقوة لمواجهة المواقف الحزينة أو التي تشكل عائقا بينه وبين تحقيق ما يريد، والتحلي بالإيجابية والصبر والإيمان واليقين التام بأن خلف هذه المصاعب والأيام الحزينة يأتي العوض الجميل كما قال تعالى (واصبر لحكم ربك فأنك بأعيننا) وقال تعالى (إن الله مع الصابرين) والتذكر بأن هذه الدنيا فانية وأن الله عزوجل برحمته أختار ألطف الأقدار للإنسان.

ومن جهة أخرى فإن التفكير السلبي يجعل الانسان عرضة للإكتئاب الذي يعرف بأنه تغير في الحالة المزاجية أو ظهور اضطرابات عقلية ينجم عنها العديد من الأعراض مثل عدم الشعور بالحياة والرغبة المستميتة في انهائها وانعدام الشهية والشهوة الجنسية وعدم الرغبة في الاستحمام وقلة الثقة بالنفس وعدم تقبل الذات والعصبية المفرطة على أتفه الأسباب وتختلف المسببات عادةً من شخص الى آخر حسب ما يتعرض له الشخص في حياته من سوء معاملة أو اعتداء بدني أو تحرش جنسي أو فقد عزيز وعدم تحقيق طموح أو بسبب كلمات مؤذية قالها أحدهم.

وتختلف المراحل عادةً حسب قوة الاضطراب نفسه بحسب ما قالته الاخصائية النفسية ورئيسة قسم التدريب لدى معهد أطوار فاطمة المحلاوي الى مرحلة طبيعية تكون مؤقتة وتحدث بسبب موقف حزين يصاب به الانسان كالفقد والحزن والوداع وهذه المرحلة لا تستدعي الأدوية والعلاج النفسي، والمرحلة الثانية هي المرحلة المتوسطة ويصاب به عادةً الشخص بسبب الوراثة وربما يكون يحمل المرض منذ زمن ولم تظهر عليه الأعراض الا في وقت الشدة، وفي حال عدم التعرض لأزمة نفسية أو موقف صعب قد لا تظهر عليه بالمرة، أما بالنسبة للمرحلة الثالثة والتي تمنع الشخص من الممارسة الطبيعة للحياة اليومية كونه يشكل خطراً على نفسه أولاً لمحاولته الانتحار فهذه المرحلة تستدعي العلاج بالأدوية والحجز في المصحة النفسية.

ومن العلامات التي تدل علي وصول الشخص لهذه المرحلة: (العزلة التامة وفقد الشهية وعدم تقبل فكرة كونه مريض)، وأضافت إلى أن الفرق بين الميول الانتحارية ومحاولة الانتحار هي القدرة على التنفيذ، وفيما يخص نظرة المجتمع عن مرضى الاكتئاب ذكرت المحلاوي بأنه يتم النظر إليهم كشخص معدي أو ناقل للمرض والتخوف من الحديث معهم أو الجلوس بجانبهم لأنه في بعض الأحيان قد يصاحب المرض هلوسة تجعل المريض يتحدث مع أشخاص وأصوات وهمية بل ويشعر بها.

وعن التعامل معهم ذكرت بأنه لا يتم التعامل معهم من قبل الاخصائيين كشخص محتاج للرعاية أو المساعدة بل بوعي كونه أنسان مريض، وشددت على أهمية بناء الثقة والقدرة على المواجهة واتخاذ القرار لضمان أو تقليل احتمالية الإصابة بالاكتئاب وخاصةً لمن يحمل جينات وراثية بالمرض ونوهت بأن العلاج قد يكون عن طريق مقاومة الأفكار السلبية والحزن ومواجهة العقاب بشكل مرن.

وأشادت المحلاوي بالدور التثقيفي الذي قامت به وزارة الصحة للتخفيف أو الحد من حالات الاكتئاب عبر التعريف بالمرض وكيفية التعامل معه وسبل انتقاله بالوراثة ودعت المجتمع الى تبني الوعي وخاصةً الوعي الأسري وتقبل المرض كفكرة لمنع وصوله الى الأجيال القادمة .

ومن ضمن الإجراءات أيضاً ما قامت به وزارة الصحة من المتابعة المستمرة والفحوصات المبدئية للسجين حيث صرحت الاخصائية النفسية ومشرفة البيت العائلي سميرة يحيى المدخلي بأن وزارة الصحة تقوم بجهود واضحة ومتابعة مستمرة وتقوم بإصدار تقارير للحالة عند دخولها للسجن إضافة الى الأسلوب الذي تعامل المرضى وتابعت نحن نتعامل مع السجين كفرد من أفراد المجتمع وليس كمذنب قام بجريمة أو ارتكب جناية فهم معرضون بشدة للاكتئاب كونهم يعانون من شدة التفكير بما سيحدث لهم أو بمستقبلهم لذلك نحن لا نترك لهم مجال لئلا يقعوا ضحايا أفكارهم ونوفر لهم أنشطة ثقافية وحلقات تحفيظ للقرآن بالإضافة الى الأنشطة اليدوية كالرسم والتطريز لانتشالهم من هذه الحالة وتوجيه تفكيرهم الى التمكن من هذه المهارة والخروج فيما بعد بمهارة جديدة لبدء حياة جديدة.

ونفت وجود حالات أقدمت على الانتحار وصرحت بوجود قلة ممن يعانون الاكتئاب بسبب عدم تقبلهم للمكان وأشارت المدخلي الى أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب قبل دخول السجن هم الأكثر تعرضاً له لأن المريض سوف يكون مقيد ويجد نفسه في مجتمع آخر قد لا يتقبله، وأكملت :" وقد نلاحظ أعراض على السجينة المصابة بالاكتئاب فهي تعزل نفسها عن البقية ولا تشاركهم أطراف الحديث أو تناول الطعام ولا تهتم بالمشاركة في البرامج والأنشطة المتوفرة" ، ونبهت بأن العلاج يكون حسب مرحلة الاكتئاب التي يعاني منها المريض من المرحلة الطبيعية الى الشديدة وقد يكون متدرجا بينهما ويكون العلاج بالأدوية والجلسات والتأهيل والتوجيه والتي تؤدي بثمارها حينما يتخلص المريض من أفكاره السلبية ويتحول منها الى الإيجابية ويتغلب عليها لكيلا تتغلب عليه كما حدث لأحد مصابي الاكتئاب ت. أ الذي سمح للإحباط والفشل بالتأثير عليه سلباً وإيقاف مشاريعه، وذلك بعدما فشل في علاج زوجته من مرض ثنائي القطب وبعد محاولات وأساليب عدة كان مصيرها الفشل ليتمكن المرض منه ويسبب ألآم في جسده أدت بالتالي إلى شعوره بقرب الأجل، الأمر الذي جعله يعتقد بأنه مصاب بمرض عضوي ليكتشف بعد ذلك بأنه مصاب بالاكتئاب وعليه البدء بالعلاج وبالفعل قام بذلك وهو يشعر في الوقت الحالي بتحسن ويأمل أن يعود كل شيء كما كان نسأل الله الشفاء له وللجميع.

ولذلك يجب علينا ألا نجعل أنفسنا عرضة لهذا المرض ونلجأ الى المولى عزوجل في حال تراكمت الصعوبات والتنفيس عن مكنوناتنا إليه فهو السميع البصير، ونبتعد عن الأفكار السلبية التي تجعلنا نخسر في الدنيا والأخرة.