الرجاء


الأربعاء 2020-04-08

إن من أجَل العبادات القلبية، وأعظم المقامات الإيمانية أن ترجو ما عند الله من الثواب وقبول الأعمال.

وهذا حال أهل الإيمان الذين قال الله عنهم: {الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله}، وَقَال: {إنَّ الَّذينَ آمَنُوا والَّذينَ هَاجرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ}، وقال: {إنَّ الَّذينَ يَتْلُونَ كِتَابَ الله وأقَامُوا الْصَّلاة وَأنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعلانِيَة يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور}، وقال:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الَّليْل سَاجِداً وقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَة وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذينَ لا يَعْلمُون}، وقال العلماء أرجى آية في كتاب اللّه قوله تعالى: {قل يَا عِبَادي الَّذين أَسْرَفُوا على أَنْفُسهِمْ لا تَقْنطُوا مِنْ رَحْمةِ الله}.

فالرجاء: أن ترجو النصيب الأوفر من مزيده والفضل الأجزل من عطائه يقينًا بما وعد، ومن الرجاء: انشراح الصدر بأعمال البِّر وسرعة السبق والمبادرة بها خوف فوتها ورجاء قبولها، ثم مهاجرة السوء ومجاهدة النفس رجاء حصول الموعود وتقرّبًا إلى الرحيم الودود.

فأما الرجاء الذي هو رجاء المغفرة مع الانكباب على محارم الله، فليس هذا برجاء عند العلماء، لأن الرجاء مقام من اليقين، وليس هذا وصف الموقنين؛ لأن هذا اسمه اغترار بالله تعالى، وغفلة عن اللّه تعالى، وجهل بأحكام الله تعالى، وقد تهدد الله تعالى قومًا ظنوا مثل هذا، وأصروا على حب الدنيا والرضا بها، وتمنوا المغفرة على ذلك، فسماهم خلفًا، والخلف: الرديء من الناس، وتوعدهم بشديد البأس في قوله عزّ وجلّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتابَ يَأْخُذونَ عَرَضَ هذا الأَدْنَى ويَقولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا} فلا يستقر إيمان المؤمن دون رجاء.