|
|||||||
عندما يصلنا خبر وفاة شخص عزيز علينا، نتسارع لتقديم واجب العزاء، والأخذ بيد أهل المتوفى، والوقوف بجانبهم والدعاء لهم، بأن ينزل الله عليهم الصبر والسلوان، وهذا ما حثنا عليه ديننا الحنيف، فهو واجبٌ دينيٌ واجتماعيٌ.
فنحضر لتعزية أهل الميت، لأن تعزية المصاب من أدب المسلم تجاه المسلم، ليؤنسه ويخفف عنه حزنه وألمه، وفيه من الأجر والثواب الجزيل، وهذا الواجب الديني.
أما الواجب الإجتماعي، فقد أصبح العزاء عند بعض العوائل تجمعات للأكل والشرب والمسامرة والضحك، تجمعات للتحدث والمناقشات في أمور الدنيا، أما المبالغة في الزينة الجسدية فحدث ولا حرج.
وللأسف أهل الميت يقدمون الضيافة، والقيام على خدمتهم، ويستأجرون من يقوم على خدمة المعزين، وتنوع التقديمات وإقتناء الملابس الفاخرة المخصصة للعزاء، وهذا عكس سنة نبيننا قال ﷺ: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا؛ فقد أتاهم ما يشغلهم" فإذا مات قريب الإنسان، أو جاره؛ استحب لأهله أن يصنعوا لهم طعامًا؛ لأنهم شغلوا بالموت. عكسوا السنة.
أيضا تتهافت بعض العائلات على تقليعات مبتكرة، كالهدايا وغيرها، والذي يكلفهم أموالاً طائلة، وهذا ما يثقل على كاهل أهل الميت، فأصبح تعذيب وليس تصبير، عادات ما أنزل الله به من سلطان، تجاوزت الحلال والمندوب إلى شبهة الوقوع في الحرام.
ولقد اعترضت عدة مرات، على العادات وخاصة الأكل، وكان الرد أنه من كرم الضيافة واحترام الضيف وله حق الضيافة ثلاث أيام، نعم ثلاثة أيام، تغص بالنَصَب والتعب والإرهاق، أكثر منها عزاء وسلوان!
إلا أنّ ذلك ليس من إكرام الضيف، ولكن ليتجنب أهل المتوفى ثرثرة المعزين، وتطبيق سياسة العيب قبل الحرام، فالمقارنة والمعايرة والمفاخرة، حتى في العزاء أصبحت موجودة، فقد طالت الأموات والأحياء، كما قيل في الأمثال (موت وخراب ديار ).
ولكن سؤالي؟ ما هو التصرف المناسب للضيف الذي لا يحترم أهل الميت في أكله وجلسته وملبسه وزينته؟
ختامًا إن أسرة المتوفى تعاني الألم والفقد، فقد أفجعها الموت وقتلها الحزن فتذكيرهم بالله والصبر على البلاء هو أفضل ما نتحدث به مع أهل الميت، وعدم المكوث طويلاً حتى لا نثقل عليهم، فلنغير المفاهيم المتحجرة، والعادات المستحدثه، فلقد فقدنا العظة بالموت والرحيل عن هذه الحياة، ولا نبتدع ما ليس في السنة، فلا نزيد الحزن حزنا وإثما، ونتكاتف بعزيمة، ونضع يدًا بيد لنصل للتغير شيئًا فشيئًا.
|