|
|||||||
يوماً ما تحدث اثنان وتبارزا في الحوار حتى احتدم الصراع بينهما وكاد أن يتحول إلى شجار، لكلٍ منهما وجهة نظر مختلفة. الأول يريدها عامرة بالمشاعر، والآخر لا يراها سوى أن تكون محسوبة بحكمة ومنطق، مما أوقعني في صراعٍ داخلي بينهما فهما دائماً بالمرصاد متضادان ونادراً ما يتفقان، قاطعتهم الروح لفض النزاع قائلةً: حياتنا لا تكتمل إلا بكما معاً، أحدكما ينبض بالمشاعر والآخر ينبع بالأفكار، أنت يا فؤاد تتدفق منك العاطفة، وأنت يا عقل تصوغ معانيها وبالتناغم بينكما نشعر بالسلام. (حياتنا الاجتماعية هي صراعٌ باختصار) واقعٌ نعيشه تتضارب فيه الحقوق مع الواجبات وكثيرٌ من التصرفات التي لا ندرك ما الذي يدفعنا للقيام بالخطوة الأولى بها أو يمنعنا عنها؟ هل هو الخوف من المجهول، أم النظرة للآثار والأبعاد لتلك الخطوة، وفي تلك الحالتين سواءً كان خوفاً أو بسبب التفكير بين إقدامٍ وإحجام يكون غالباً الموقف الدرامي لذلك الصراع. نحن نود التخلص منه بأسرع وقت وللأسف إن رغبة التخلص تلك توقعنا في مأزق عدم القدرة على اتخاذ القرار، أو أن يكون خاطئاً أحياناً بسبب التسرع ولو أننا تأملنا لساعات او حتى لحظات في القرارات الكبيرة لاهتدينا إلى القرار الأصوب، وهل يوجد قرار ليس له تبعات؟ علينا أن نفهم أنفسنا، وماهي محركات المشاعر والسلوك في داخلنا، ما الذي يدفعنا أو يمنعنا؟ من خلال ذلك الفهم البسيط لذواتنا يمكن أن نصل إلى ذلك السلام الذي ينشده القاصي والداني والكبير قبل الصغير، حين نفتح عقولنا وأرواحنا ونسألها بصدقٍ وتجرد عن الأشياء التي نميل إليها أو نميل عنها ونسألها عن أسباب ذلك الميل لا أن نأخذ منها إجابة سطحية أو نقبل تفسيراً ساذجاً "فقط لأني أحب هذا أو لا احبه"، إنما نبحث في العمق عن إجابة وافية من خلال طرح الأسئلة ولعل أهمها (ما هو الدافع) أو (ما هو المحفز) لديَّ نحو هذا الشيء أو ذاك. ولنحاول أن نجيب عنها بدلاً عن الهروب من البحث عن الأسباب والاكتفاء بالإجابات الجاهزة ولو أننا وقفنا بحزمٍ مع أنفسنا لفهمنا الدوافع وقللنا من حجم ذلك الصراع الذي قد نعيشه في الحديث ما بين العقل والقلب حتى نصل لسلاماً داخلياً حقيقي مع أنفسنا. |