


ضبط النفس بالنفيس
الآية -07- من سورة الطلاق، اللقاء، (07)
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7).
عطفاً على ما سبق من الآيات في أحكام النفقة على الزوجات المطلقات المعتدات والمرضعات، وعلى عموم الإنفاق المفروض أو المندوب، أي الذين يجب على المسلم النفقة عليهم أو الذي يستحب له ذلك، إنما هو على قدر السعة، والسعة هنا تعني: الذين وسع الله عليهم في رزقهم فأصبحوا أهل مال وثراء.
والإنفاق: هو بذل المال في المصالح المتنوعة التي أحلها الله، كالمأكل والمشرب، والملبس، والمسكن، وإعطاء الحقوق للمستفيدين منها.
(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ)، أي: لا يكلف الله أحدًا من النفقة على من تلزمه نفقته من المطلقات أو بالقرابة والرحم إلا بقدر ما أعطاه، فإن كان ذا سعة فمن سعته، وإن كان مقدورًا عليه في رزقه فمما رزقه الله، فلا يُكلف الفقير بنفقة الغنيّ، ولا أحد من الخلق إلا بقدر سعته ومقدرته، وهذا من عدله سبحانه ورحمته بخلقه، فينبغي النظر إلى المُنفِق، والمُنفَق عليه، وما جرت به العادة والعُرف بين الناس، ولم يختلف العلماء في أن النفقات لا تتحدد بمقادير معينة لاختلاف أحوال الناس والأزمان والبلاد، وإنما اجتهدوا وفصلوا في مسألة التوسع في الإِنفاق من أموال الأغنياء،"لمن رغب الرجوع إليها"، وبكل الافتراضات فهي داخلة تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم، لهند: "خُذي ما يكفيكِ وولدَك بالمعروفِ".
كما أن في الآية طمأنة وبشرى للمعسرين المتقين الذين ينفقون ابتغاء رضوان الله، بأنه سبحانه سيجعل لهم مع العسر يُسرا، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).