|
|||||||
وقفات تأمّلية: حول تكرار قوله تعالى: {من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}، في سورتي الحشر والتغابن. الشحّ: هو شدة الحرص في تحصيل الشيء، والبخل: هو منع إنفاق الشيء بعد الحصول عليه، والشحّ داء كامن في النفس البشرية، وهو باب عظيم للهلاك والدمار والخسارة في الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (اتَّقُوا الظُّلمَ، فإنّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِماءهم، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم)، والتغلب عليه يكون بالإنفاق في سبيل الله تعالى، فمن أنفق فقد وُقي شرّ الشّح الذي في نفسه، ومن وُقي شُحّ نفسه فقد أفلح في الدنيا والآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من يومٍ يُصبِحُ العبادُ فيه، إلا ملَكان ينزلانِ، فيقولُ أحدُهما: اللهم أعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخر: اللهمَّ أعْطِ مُمْسكًا تَلَفًا)، وقال: (صنائِعُ المعروفِ تَقِي مصارعَ السُّوءِ، و صدقةُ السِّرِّ تُطفِئ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمرِ)، وقال: (داوُوا مرضاكم بالصَّدَقةِ)، وعنه أيضًا أنه قال: (الوضوءُ شَطرُ الإيمانِ، والحمدُ للهِ تملأ الميزانِ، وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تملآنِ أو تملأُ ما بينَ السَّمواتِ والأرضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدقةُ برهانٌ، والصَّبرُ ضياءٌ، والقُرآنُ حجَّةٌ لَكَ أو عليكَ، كلُّ النّاسِ يَغدو، فبائعٌ نفسَهُ، فمُعتقُها أو موبِقُها)، فالصدقة برهان على صدق الإيمان، وهي تدفع البلاء والمرض سواء كان المرض حسيًا أو معنويًا كالشح والمعاصي، ومنها ما هو واجب كالزكاة الشرعية والكفارات، ومنها ما هو مستحب ومُرغّب فيه، كالبذل والعطاء للفقراء والمساكين والضعفاء والمحتاجين، وقد جاء في الحديث النبوي: (ثلاثٌ أُقسمُ عليهِنَّ، أُحدِّثُكمْ حديثًا فاحفَظوه قال: ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظُلِمَ عبدٌ مظلمةً صبر علَيها، إلّا زادَه اللهُ عزًّا، فاعفوا يُعِزَّكمُ اللهُ، ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ، إلّا فتح اللهُ عليهِ بابَ فقرٍ، أو كلمةً نحوَها.. الحديثَ)، كما قال عليه الصلاة والسلام: (أفضلُ دِينارٍ يُنْفِقُهُ الرجلُ، دِينارٌ أنفقَهُ على عِيالِه، ودِينارٌ أنفقَهُ على أصحابِهِ في سبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنفقَهُ على دابَّتِه في سبيلِ اللهِ)، والحمد لله ربّ العالمين. |