|
|||||||
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي!
الم تر الى ربك كيف مد الظل، ولو شاء لجعله ساكنا، ثم جعلنا الشمس عليه دليلا (45) ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا (46) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعل النهار نشورا (47) آيات الله تعالى- وآلاؤه سبحانه - خير دليل على وحدانيته وعظمته وقدرته وأسمائه وصفاته، فبعد أن تحدثت السورة عن أحوال المجرمين المستهزئين بآيات القرآن الكريم ، وذكرت التدمير الذي حلّ بالمكذبين من الأمم السابقة، وحذرت من سوء عاقبة الهاجرين للقرآن الكريم- من هذه الأمة، جاءت هذه الآيات وما بعدها للتذكير ببعض آلاء الله تعالى - والآلاء: هي العلامات الدالة على أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وتشمل الآيات القرآنية والآيات الكونية والتكوينية، والقدرة، والنعم التي لا تُحصى، (فَاذْكُرُوا ءالآء اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فلنتذكر ونتفكر فيما نشاهده من آلاء ربّنا عز وجل- ومنها،(كيف مَدَّ الظل)، أي جعله يمتدّ وينبسط، (وَلَوْ شاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً)، أي ثابتاً غير زائل، أو يجعله غير منبسط على الأرض، بل يلتصق بأصل الشيء، كالحائط والشجر ونحوها، كما جعل سبحانه- (الشمس عَلَيْهِ دَلِيلاً) : فالناس يستدلون بالشمس وبأحوالها، على الظل متى يتسع ومتى ينقبض، ومتى يزول عن مكان إلى آخر، فيعرفون كيف ينتفعون به، لأن الأشياء لا تعرف إلا بأضدادها، (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً)، وقبضه أي نسخه وإزالته، شيئاً بعد شيء لا دفعة واحدة، ومن آلائه أنه، (جَعَلَ لَكُمُ اليل لِبَاسٗا)، شبَّه ظلام الليل باللباس، لأنه يستر كل شيء كاللباس، (والنوم سُبَاتاً)، السبات: النوم الطويل، لراحة أبدانكم من عناء العمل، (وَجَعَلَ النهار نشورا)، لانتشاركم فيه، طلبا للرزق والكسب ووسائل المعيشة، وشبيه بهذه الآية قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً)، فيحصل لهم بالنوم بناء الأجسام، وتجدد النشاط، مع الاستعانة على التستر والهدوء بظلمة الليل، ومن النهار الحركة والجد للعمل، ودفع سآمة الدعة، مع انبعاث النور الذي به إبصار ما يقصده العاملون، لإنجاز أعمالهم، وقضاء حوائجهم ومصالحهم، (فبأي ءالآء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)! |