|
|||||||
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
{وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا * أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}. تتحدث الآيات عن أحوال المستهترين بآيات الله المكذبين لها بأقوالهم أو بأعمالهم، ولو تظاهروا بالإيمان وهو منهم براء، وقرأوا القرآن ولم يعملوا به، وعملوا الأعمال غير الخالصة لله وغير الموافقة للكتاب والسنة، لأن من شروط قبول الأعمال، الإخلاص لله والمتابعة لما جاء به رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: (لأَعلَمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يومَ القيامةِ بأعمالٍ أمثالِ جبالِ تِهامةَ بيضاءَ، فيجعلها اللهُ هباءً منثورًا قال ثوبانُ: يا رسولَ اللهِ! صِفْهم لنا، جلِّهم لنا؛ لا نكون منهم ونحن لا نعلمُ. قال: أما إنهم إخوانُكم، ومن جِلْدَتِكم، ويأخذون من الليلِ كما تأخذون، ولكنهم قومٌ إذا خَلوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها)، فالمشركون والمنافقون لا تُقبل أعمالهم، ولا توزن حسناتهم، {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}، جاء في الحديث: (إِنَّهُ لَيَأتِي الرجلُ العظيمُ السمينُ، يومَ القيامَةِ لا يَزِنُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ)، ثم تذكر الآيات النقيض من ذلك الصنف من الناس، وهم، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، أي أهلها، الذين أخلصوا في أعمالهم، وجعلوها مطابقة للكتاب والسنة، {يَوْمَئِذٍ}، أي يوم القيامة، عندما يبعث الله العباد للحساب والثواب والعقاب، يكونون، {خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا}، أي إن منازلهم في الجنة خير من منازل المشركين، {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}، يستنبط من الآية: أن حسابهم يكون في وقت القيلولة: وهو ما لا يتجاوز نصف النهار، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُورًا}. فائدة: لمن أُبتلي بظلم الظالمين، أو سحر الساحرين، أو حقد الحاقدين وحسد الحاسدين، وأراد أن يرقي نفسه أو يرقي غيره، بما يبطل عملهم، ويزيل ظلمهم، ويدحر مكرهم وكيدهم، فلعل في ترديد هذه الآية: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}، وغيرها من آيات القرآن الكريم، ما يدفع الله تعالى به عنه ضرهم، ويبطل عملهم السيء، ويفسد مكرهم، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، والله أعلم. |