|
|||||||
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}. هذا سؤال خطير، يلقيه الشيطان على لسان بعض الذين ران على قلوبهم: أي عمي عليهم معرفة الخير من الشر، بسبب الظلم والإجرام والطغيان، فعندما لا يجدون حجة، وتستيقن أنفسهم بأن وعد الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنهم سوف يبعثون من بعد الموت، وأنهم محاسبون على جميع أعمالهم، وسيلقون عقابهم، {جَزَاءً وِفَاقًا}، على عنادهم وإجرامهم وإفسادهم، ثم لا يجدون في قلوبهم الرغبة في الهداية والاستقامة على الصراط المستقيم، باتباع الأوامر الإلهية، واجتناب ما نهى عنه وزجر، فتراهم يسألون بلسان حالهم أو بلسان مقالهم: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، وجوابهم هو: {قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ}، أي ما تستعجلونه من العذاب، قد يكون لحقكم بعضه ونزل بكم، وبعضه في طريقه إليكم، وأنتم لا تشعرون بذلك، لشدة غفلتكم، وتبلد مشاعركم، فما تلك المصائب والأمراض وتسلط الأعداء والفتن التي تصيب الظالمين إلا مما ردف لهم من العذاب، "وكل شيء تبع شيئًا فهو ردفه" ولكن الظالمين عن آيات الله معرضون، فبدلًا من أن يتوبوا ويستغفروا ربّهم، فإنهم يهرعون إلى هنا وهناك، وهذا وذاك، يلتمسون الحلول ويطلبون العون والنجدة، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ}، إذ أنه تعالى لا يعاجلهم بالعقوبة والهلاك، {وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}، وبالمعاصي يتمادون، وبنعمة الله هم يجحدون. |