|
|||||||
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}. لقد أورث الله تعالى النبوة والعلم والملك لابن من أبناء داود عليهما الصلاة والسلام، واجتباه من دون إخوانه، فقد كان كما قال عنه سبحانه: {نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ}، وهذا يبيّن لنا فضل العبد الأواب عند الله عز وجل، والأواب: هو الكثير الرُّجوع إلى الله، وقد أفصح سليمان للناس أن الله تعالى قد علمه منطق الطير، سواءً على الحقيقة أو بالإلهام، "والله أعلم بمراده"، وأنه آتاه من كلّ شيء من النعم التي يحتاجها والفضل الذي يرنو إليه، وفي هذا دلالة على أنه يجوز لأهل العلم وأصحاب الفضل أن يظهروا النّعم وفضل ربّهم عليهم على سبيل الحمد والشكر، لا على سبيل المباهاة والفخر، ثم تتحدث لنا الآيات عن قصة نملة من النمل، عندما رأت سليمان وجنوده في موكبه العظيم من الجن والإنس والطير، {فَهُمْ يُوزَعُونَ}، لأن لكل ملك أو حاكم وَزَعَة يدفعون الناس، فنادت في قومها من النمل بأن يدخلوا مساكنهم خوفًا من أن يحطمهم موكب سليمان وهم لا يشعرون، وفي هذا دلالة على عدة أمور: منها أن الدواب والطيور وغيرها أمم مثلها مثل المجتمعات الإنسانية، ومنها أن لكل قوم هاديًا يهديهم لما فيه الخير لهم، ومنها أن النملة أحسنت الظن بالغير، واختلقت لهم العذر، وأخذت بالأسباب التي تقيهم السوء، ونصحت لقومها، والإنسان أولى بأن يتخلق بهذه الصفات. |