|
|||||||
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱستَوَىٰٓ ءَاتَينَٰهُ حُكما وَعِلما وَكَذَٰلِكَ نَجزِي ٱلمُحسِنِينَ (14) بعد أن رد الله تعالى- موسى عليه السلام- لأمه، فربته برعايتها، وبعناية زوجة فرعون، إلى أن (بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱستَوَىٰٓ)، والأشد: كمال القوة، والاستواء : كمال البنية، أي: قويت واستقامت بنيته الجسمية والعقلية، "وهو من سن ثماني عشرة سنة، وغايته إلى الأربعين"، حيث أنعم الله - عليه وآتاه نعمتين عظيمتين، (ءَاتَينَٰهُ حكما وَعِلماۚ)، ومن يؤتيه الله- الحكمة، فقد أوتي خيراً كثيراً، والحكمة: هي القول أو العمل المناسب بالقدر والزمان والمكان والكيفية المناسبة، وهي أغلى شيء يمكن أن يمنحه الله- للإنسان بعد الإيمان، فهي الطريق إلى معرفة الله عزَّ وجلَّ، الموصلة إليه، المقرّبة منه، وهي من سمات الأنبياء والصَّالحين، وعلامة للعلماء العاملين، ومزيَّة للدُّعاة المصلحين، ومن فوائدها، الإصابة في القول، والسَّداد في العمل. والعِلم هو الأصل الذي يُعرَف به الهُدى من الضلال، فمن خلاله يستطيع العبد أن يتعرَّف على أسباب رضوان الله- وثوابه العظيم في الحياة الدنيا والآخرة، ومن يُعلمه الله- فهو على نور من ربّه- (وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، فعلم الله- واسع، ومن يؤتيه العلم، يرفعه درجات، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ). وهذا الجزاء الذي آتاه الله - لموسى، إنما هو كذلك جزاؤه لعباده المحسنين، (وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ)، الذين يحسنون في أداء ما كلفهم الله به، فمن أحسن فى أقواله وأعماله، أحسن الله - إليه، وأعطاه من واسع نعمه وأفضاله، وآتاه حكمة وعلماً! |