الآيات (01- 04) من سورة القصص، اللقاء (01)


الأربعاء 2024-09-18

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

طسٓمٓ: من الحروف المقطعة لبدايات بعض سور القرآن، ولا ريب، بأن لها حكمة بالغة، اختص الله بها نفسه، ويعلمها سبحانه إذا شاء، من يشاء من عباده، وأعقبها عز وجل بتقرير حقيقة كون أن {تِلْكَ}، أي القصص والأخبار، وما {نَتْلُو عَلَيْكَ}، يا من تقرأ القرآن وتؤمن بآياته، من أنباء رسول الله موسى عليه السلام، وعدو الله فرعون -عليه لعنة الله- كونها من، {آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}: أي: الكتاب الواضح الظاهر للعيان، صاحب الحجة والبرهان، {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.

وفرعون: هو حاكم مصر في فترة من الفترات، آتاه الله تعالى من الملك، ومكنه في الأرض، وبدل أن يتقي الله ويقيم شرعه، ويؤدي حقه، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ}، أي تكبر وطغى، ووصل به الطغيان إلى ادعاء الربوبية، {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ}، ووصل به الظلم إلى أن جعل أهل مصر، {شِيَعًا}، أي فرقًا مختلفين، فجعل طائفة الأقباط، سادة ومالكين، وطائفة بني إسرائيل خُدامًا لهم، وهم الطائفة الذين استضعفهم، وأمر بقتل أبنائهم، {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ}، تحسبًا من أن يأتي منهم من يكشف كذبه، ويفضح بطلان ادعائه، ويزيل ملكه، {وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ}، كي يخدمنه وقومه، فأفسد في الأرض، والله سبحانه لا يحب الفساد، ولا يصلح عمل المفسدين، بل يُبطله ولو بعد حين.