الآيات 01 -04 سورة البلد، اللقاء،( 02)


الجمعة 2024-07-26

تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

لَا أُقسِمُ بِهَذَا ٱلبَلَدِ (1) وَأَنتَ حِلُّ هَذَا ٱلبَلَدِ (2) وَوَالِد وَمَا وَلَدَ (3) لَقَد خَلَقنَا ٱلإِنسَنَ فِي كَبَدٍ (4)

يقسم ربّنا تبارك وتعالى- بمكة المكرمة، ولا يقسم سبحانه إلا بشيء عظيم، ولا يعلم عظمة البيت العتيق، وهذا البلد الأمين، ومن حلّ فيه وأقام، أو من أحرم بالحج أو العمرة ثم أحلّ بهذا البلد، ومن ولد وما ولد، أو من يلد ومن لا يلد من المؤمنين، إلا الله- فهنيئاً لهم بهذا الفضل من ربّ العالمين.

وجواب القسم: (لَقَد خَلَقنَا ٱلإِنسَنَ فِي كَبَدٍ)، فقدر سبحانه بحكمته وسابق علمه، بأن يكون الإنسان في هذه الحياة الدنيا في كبد: أي يكابد المشقات من هموم الدنيا والآخرة، يُقال: لا يكابد أحد من المخلوقات ما يكابده ابن آدم، ثم جعل الله - له المخرج والنجاة من ذلك الكبَد، وهو الإيمان بالله- والأعمال الصالحة، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فلا تكاد تجد إنسانا إلا وعنده ما يكابد فيه ويكابده، وذلك إما بسبب المعاصي أو بتقصيره في العبادات والطاعات،(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، أو لعدم أدائه حق شكر النعم، أو لغفلته عن ذكر الله عز وجل- قال تعالى:(مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)، وقد يُبتلى بعض عباد الله- الصالحين، ليرفع الله- درجاتهم، تفضلاً، وليكفّر من سيئاتهم برحمته، قال عليه الصلاة والسلام:(ما يُصِيبُ المسلِمَ من نصَبٍ، ولا وصَبٍ، ولا هَمٍّ، ولا حَزَنٍ، ولا أذًى، ولا غَمٍّ، حتى الشوْكةِ يُشاكُها، إلّا كفَّرَ اللهُ بِها من خطاياهُ)!