الآيات 17-20 سورة الفجر ، اللقاء(05)


السبت 2024-07-20

تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

كَلَّا بَل لَّا تُكرِمُونَ ٱليَتِيمَ (17) وَلَا تَحَٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلمِسكِينِ (18) وَتَأكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكلا لَّما (19) وَتُحِبُّونَ ٱلمَالَ حُبا جَمّا (20)

بعد أن أنكر الله عز وجل- على الناس قولهم "ربي أكرمن" على سبيل التفاخر، وقولهم "ربي أهانن" على سبيل التسخط، جاءت هذه الآيات بالحديث عما هو أشنع وأسوأ من تلك الصفات، ومنها، (كَلَّا بَل لَّا تُكرِمُونَ ٱليَتِيمَ)، كلا ليس قولكم ذلك هو القول القبيح فحسب، بل هناك ما هو أقبح منه، وهو أنكم أيها الناس قد لا تكرمون اليتيم، "واليتيم هو من مات عنه أبوه وهو صغير أي قبل البلوغ، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ"، فلا تعطفون عليه، بل تتركونه معرضا للاحتياج دون أن تعملوا على تقديم يد المساعدة إليه. (وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ)، والحض على الإطعام هو الترغيب فيه، ومن لا يحض غيره، فلن يُطعم هو بنفسه، ولا تحاضون": أي لا يحض بعضكم بعضاً. (وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً)، والتراث هو ما يورث عن الميت، ولَماًّ أي شديدا، لا تتركون منه شيئا، وذلك بالتعدي على حقوق الضعفاء، لأن العرب في الجاهلية كانوا لا يعطون من الميراث أنثى ولا صغيراً، بل كان ينفرد به الرجال. (وَتُحِبُّونَ ٱلمَالَ حُبّا جَمّا)، أي تحبون جمع المال واقتناءه حباً جماً، أي كثيرًا، قال عليه الصلاة والسلام:(لو كان لابنِ آدَمَ وادٍ من ذَهَبٍ، التَمَسَ معه وادِيًا آخَرَ، ولن يَملَأَ فَمَه إلّا التُّرابُ، ثم يَتوبُ اللهُ على مَن تابَ)، وجاء الإسلام ليهذب هذه الصفات في النفس الإنسانية، فوضع الحدود وبيّن الحلال والحرام، 

فمن آمن واتقى واتبع النور الذي جاء به النبي المصطفى، كتاب الله تعالى- وآياته البينات، فقد اهتدى ونجا، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)!