الآيات (14-19) سورة الأعلى، اللقاء (06)


الثلاثاء 2024-07-09

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ).

بعد بيان جزاء الأشقى، الذي يتجنب الذكرى، والذي سيصلى النار الكُبرى، ثم لا يموت فيها ولا يحيا، بقي المؤمن ينتظر جزاء من يخشى، الذي تنفعه الذكرى، فجاء قوله ووعده، عز وجل {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ}، كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَاأي: طهر نفسه من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح، وخالق الناس بخلق حسن، وذكر اسم ربه بقلبه ولسانه، فصلى الصلوات الخمس التي فرضها الله تعالى، وأضاف إليها ما استطاع من نوافل وسنن، وجاء التعبير بالماضي المسبوق بقد: للدلالة على تحقيق هذا الفلاح بفضله ورحمته، بعد ذلك جاء التحريض للمؤمنين، والتحذير للكافرين، من إيثار الحياة الدنيا على الآخرة، التي هي خير منها وأبقى وأدوم، {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ}، وعن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية، فقال: "أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها، ولذاتها وبهجتها، والآخرة غيبت عنا، فأخذنا العاجل، وتركنا الآجل".

واختتمت السورة: ببيان فضل القرآن الكريم، وأهميته، فهو يؤكد التعاليم التي في الكتب السماوية السابقة، وتحديدًا صُحُف إبراهيم وموسى عليهما السلام، والتي تحتوي على أحكام الله تعالى فيوضحها ويكملها، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}.

تمت السورة، ولله الفضلُ والمنّة، وبه التوفيق والعصمة.