الآية (31) من سورة المدثر، اللقاء (10)


الأربعاء 2024-02-28

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ}.

{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}، لا يعلمهم ولا يعلم قوتهم وعظمتهم إلا الله، وقد ذكر الله تعالى عدتهم في هذه الآية لعدة أمور منها، أولًا: {فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا}، من المشركين المستهزئين بالمسلمين، إذ لم يحصل لهم من ذكرها إلاّ الفتنة بفساد التأويل، إذ اعتقدوا أن عدتهم أمر هيّن، وأنهم قادرون على دفعهم والتخلص منهم.

ثانيًا: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، ليستيقن اليهود والنصارى بصدق القرآن الكريم الذي يوافق خبر ما هو معروف لديهم ومذكور في كتبهم السماوية "التوراة والإنجيل".

ثالثًا: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}، فيؤمنون به في جملة ما يؤمنون به من الغيب فيزداد إيمانهم زيادة كمية لا كيفية، لأن حقيقة الإِيمان التصديق والجزم وذلك لا يقبل الزيادة، {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.

رابعًا: {وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ}، فالمؤمنون علموا وعَملوا، والذين أُوتوا الكتاب علموا وعاندوا فكان علمهم حجة عليهم.

خامسًا: {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًاالذين في قلوبهم مرض: هم المتشككون المترددون، فهم ينفون أن يكون هذا العدد وحيًا من عند الله، بغية تكذيب القرآن.

وهكذا يضل الله من يشاء عن بينة، ويهدي من يشاء عن بينة، أما الملائكة فهم من جنود الله عز وجل، ولا يعلم جنوده إلا هو سبحانه، وما هذه إلا تذكرة لمن شاء أن يتذكر.