|
|||||||
تأمّلات في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) انتقلت بنا الآيات من الامتنان على المؤمنين بما يسّره الله تعالى لهم من إخراج الكفار الذين غدروا بهم وبرسوله عليه الصلاة والسلام من المدينة بغير قتال، ووصف ما جرى لهم من حسرتهم وخيبة أملهم في نصرة المنافقين الذين غرروا بهم وأوقعوهم في شرور أعمالهم، إلى الأمر بشيء عظيم وهدف جليل وغاية نبيلة يجب أن يحرص عليها كلّ مؤمن ومؤمنة وكل مسلم ومسلمة، ألا وهي تقوى الله عز وجل، وقد جاء الأمر بتقوى الله تعالى في عشرات الآيات من القرآن الكريم، فهي جماع كل خير، وملاك كل بر، وقد أمر بها كل الأنبياء أقوامهم، وتبيّن لنا الآثار الطيبة التي تترتب على تقوى الله في الدنيا والآخرة، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السماء والأرض) ويقول: (وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)، وقوله: (الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين)، وقوله:(إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ). ثم أمر سبحانه كل نفس بأن تتأمل وتراجع الأعمال التي تُكتب في صحائف أعمالها لأنها ستحاسب عليها يوم القيامة، فإن كانت خيرا ازدادت منها، وإن كانت غير ذلك أقلعت عنها، وأطلق «غد» على الزمن المستقبل مجازاً إشارة لقرب الموت الذي ينتقل به الإنسان إلى الدار الآخرة، وتنكير «غد» للتعظيم والتهويل، أي لغدٍ لا يُعرف مصيره. وإعادة (وَاتَّقُوا اللَّهَ)، للتأكيد، فلعل التقوى الأولى: المراد بها الخوف من الله، وهي الباعث على العمل. والتقوى الثانية: المراد بها المداومة على التقوى الأولى، أي: وداوموا على تقوى الله، فهو الخبير بمقدار حرصكم على تقواه.
|