{‎كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ۖ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}.

فائدة: ليس لعاقل يؤمن بالله تعالى وبما أُنزل على رسوله عليه الصلاة والسلام، أن يُخادع أو أن يخون العهد أو لا يفي بالوعد، {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}، فالخداع والغرور من عمل الشيطان، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، كما أنه ليس للمؤمن أن يثق أو يطمئن أو يغتر بوعد أو عهد المنافقين والكافرين، لأن الله قد حذرنا منهم، {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لهم}، أي لا عهود لهم، فعهودهم ليست صادقة ولا يوفون بها، ولا يؤمن شرّهم، لأن قلوبهم مظلمة خاوية من أنوار الإيمان التي تريهم الحق حقًا فيتبعونه، والباطل باطلًا فيجتنبونه، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}، أي لا يفطنون بأن وبال خداعهم راجع عليهم، فيظنون أنهم قد نجوا بخداعهم وفازوا، إلا أنهم قريبًا سيذوقون وبال أمرهم، وفي الآخرة عذاب شديد، فمن خَدع في الدنيا فهو لنفسه بذلك أخدع، لأنه مهلكها ومجرعها من غضب الله تعالى وأليم عقابهما لا قبل لها به، فيفسد بذلك إيمانه وأعماله، ويسيء فيما بينه وبين الله عز وجل، فترتد عاقبة الخداع الوخيمة على نفسه، لأنه من يخادع من لا يُخدع فإنما يخدع نفسه، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن، والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، فلو عرف العبد ربّه حق المعرفة، لعلم أنه سبحانه لا يُخدع، {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.