|
|||||||
متى يتوقف السباق؟ سؤال يلوح في أذهاننا كلما أثقلتنا الحياة بمتطلبات لا تنتهي. إلى أين تأخذنا هذه الطرق المتعرجة التي نسلكها في سباق محموم؟ هل سنصل يومًا إلى تلك المحطة التي نجد فيها السكينة، أم أننا محكومون بالركض في دروب لا تنتهي؟ نركض كما لو أن الراحة عدوٌّ يتربص بنا، ونهرب من لحظات السكون وكأنها وصمة ضعف. نستيقظ على صوت المنبه لا على الحياة، ونعدّ إنجازاتنا لا لحظات فرحنا، فيغدو الاحتراق النفسي الثمن الباهظ الذي ندفعه دون أن ندرك. الطموح جميل، والسعي مطلوب؛ يقول الله تبارك وتعالى: “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ”. لكنه إن تجاوز حدوده بات نارًا تحرق فينا كل ما هو إنساني، فيصبح النجاح قيدًا حين يفقد توازنه، ويسرق منا بهجة البدايات، ويملأ أرواحنا بالشعور بالذنب كلما سمحنا لأنفسنا بالتقاط أنفاس الراحة. وقد جاء في الحديث الشريف: “إن لبدنك عليك حقًّا”. كما ذكر أحد الفلاسفة: “السعادة الحقيقية هي في التوازن بين الطموح والسكينة”. النجاح الحقيقي يشبه زهرة تنمو في أرض خصبة، لا تحترق تحت شمس الطموح الحارقة. هو نهر هادئ يجري بتأنٍ، يحمل معه معاني السكينة والامتلاء. لنختر أن نعيش بتوازن، فالأرواح المنهكة لا تبني أمجادًا ولا أجيالًا؛ لكنها حين ترتاح، تزهر كحقول في الربيع وتثمر حياة مليئة بالمعنى والجمال. لكن السؤال يبقى: هل سنجرؤ يومًا على أن نضع أحلامنا جانبًا لبضع لحظات؟ أن نمنح أرواحنا حقها من السكينة والراحة؟ أم أننا سنظل أسرى هذا اللهاث الذي لا نهاية له؟ |