في الشتاء، لن ينفعك المعطف... إذا كان البرد من الداخل


الاثنين 2025-01-27

في شتاء الروح، لا يكفي دفء الأقمشة ولا نيران المواقد لتذيب صقيعًا يعتلي القلب، البرد الذي يأتي من الداخل ليس بفعل الرياح أو الأمطار، بل هو ناتج عن فراغ يتسلل إلى الزوايا الخفية من النفس، هو برد الخيبات التي تثقل الكتف، وبرد الصمت الذي يخنق الكلمات، وبرد ينبعث من سفر عزيز أو حلم تاه في زحمة الأيام.

في هذا الفصل، تتعثر الخطى في طرقات مظلمة، وكل زفير يحمل أنينًا لا يُسمع، وكل شهيق يستجدي دفئًا مفقودًا، لا يُجديك البحث عن معطفٍ أو وشاح، فما من قماش يُغطي ندوب الحنين ولا غياب الأحبة.

حين تشعر أن البرد يزحف إلى داخلك، لا تلعن الشتاء بل اسأل نفسك: أين دفء القلب الذي يواجه هذا البرد؟ أليس البرد هو الذي يجعلنا نقدّر قيمة النار حين تشتعل؟ هو الذي يوقظ فينا حنينًا غامضًا إلى لحظات الدفء، إلى ضحكات تتراقص كألسنة اللهب حول موقد صغير، وإلى أيدٍ تلتقي لتنسج خيوطًا من الحب والسكينة.

الدفء الحقيقي ليس في الخارج، بل في شُعلةٍ صغيرة داخل القلب، إن أطفأتها العزلة والتعب، أصبح الشتاء مقيمًا دائمًا، هي شُعلة الأمل، والحب، والطمأنينة، فإن لم تقدر على إشعالها، فلا تلُم البرد حين يتوحش في داخلك.

الشتاء قاسٍ على من لا يجد مأوى في ذاته، ومن لم يبنِ جدرانًا من الصبر، ومن لم يُشعل في روحه شمعة الأمل.

تذكر، أن البرد الخارجي يُقاوم، لكن برد الداخل قاتل إن تركته يتسلل إلى أعماقك.

فيا أيها الباحث عن الدفء، اجعل قلبك مدفأة لا تنطفئ وكن على يقين أن الشتاء مهما طال يحمل في طياته بذور الربيع.